تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٥ - الصفحة ١٧٧
له شريك في الملك " مسوق لتوحيد الربوبية ونفي الولد والشريك من طريق إثبات الملك المطلق، وأن قوله: " وخلق كل شئ فقدره تقديرا " تقرير وبيان لمعنى عموم الملك وأنه ملك متقوم بالخلق والتقدير موجب لتصديه تعالى لكل حكم وتدبير من غير أن يفوض شيئا من الامر إلى أحد من الخلق.
وفي الآية والتي قبلها لهم أقوال أخر أغمضنا عن إيرادها لخلوها عن الجدوى.
قوله تعالى: " واتخذوا من دونه آلهة لا يخلقون شيئا وهم يخلقون " الخ، لما نعت نفسه بأنه خالق كل شئ ومقدره وأن له ملك السماوات والأرض وهكذا كان يجب أن يكون الاله المعبود، أشار إلى ضلاله المشركين حيث عبدوا أصناما ليست بخالقة شيئا بل هي مخلوقة مصنوعة لهم ولا مالكة شيئا لأنفسهم ولا لغيرهم.
وضمير " واتخذوا " للمشركين على ما يفيده السياق وإن لم يسبق لهم ذكر ومثل هذا التعبير يفيد التحقير والاستهانة.
وقوله: " من دونه آلهة لا يخلقون شيئا وهم يخلقون " يريد به أصنامهم التي صنعوها بأيديهم بنحت أو نحوه، وتوصيفها بالآلهة مع تعقيبها بمثل قوله: " لا يخلقون شيئا وهم يخلقون " إشارة إلى أن ليس لها من الألوهية ألا اسم سموها به من غير أن تتحقق من حقيقتها بشئ كما قال تعالى: " إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم " النجم: 23.
. ووضع النكرة في قوله: " لا يخلقون شيئا " في سياق النفي مبالغة في تقريعهم حيث أعرضوا عن الله سبحانه وهو خالق كل شئ وتعلقوا بأصنام لا يخلقون ولا شيئا من الأشياء بل هم أردأ حالا من ذلك حيث إنهم مصنوعون لعبادهم مخلوقون لأوهامهم، ونظير الكلام جار في قوله: " ضرا ولا نفعا " وقوله: " موتا ولا حياه ولا نشورا ".
وقوله: " ولا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا " نفي للملك عنهم وهو ضروري في الاله إذ كان عبادهم إنما يعبدونهم ليدفعوا عنهم الضر ويجلبوا إليهم النفع وإذ كانوا لا يملكون ضرا ولا نفعا حتى لأنفسهم لم تكن عبادتهم إلا خبلا وضلالا.
(١٧٧)
مفاتيح البحث: الشراكة، المشاركة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 ... » »»
الفهرست