تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٥ - الصفحة ١٩٠
كيف؟ وقد قال تعالى: " يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي " الفجر: 27 - 30 فهم راضون بما رضي به الله ومرضيون لا يريدون الا ما يرتضيه فلا يريدون معصية ولا قبيحا ولا شنيعا ولا لغوا ولا كذابا، ولا يريدون ما لا يرتضيه غيرهم من أهل الجنة، ولا يريدون ارتفاع العذاب ممن يريد ربهم عذابه، ولا يشاؤن ولا يتمنون مقام من هو أرفع درجة منهم لان الذي خصهم بها هو ربهم وقد رضوا بما فعل وأحبوا ما أحبه.
وقوله تعالى: " كان على ربك وعدا مسؤلا " أي كان هذا الوعد الذي وعده المتقون وعدا على ربك يجب عليه أن يفي به، وانما أوجبه هو تعالى على نفسه حيث قضى بذلك أول يوم، وأخبر عن ذلك بمثل قوله: " وأن للمتقين لحسن مآب جنات عدن - إلى أن - قال هذا ما توعدون ليوم الحساب " ص: 53.
ووجه اتصاف هذا الوعد بكونه مسؤلا أن المتقين سألوا ربهم ذلك بلسان حالهم واستعدادهم، أو سألوه ذلك في دعائهم، أو الملائكة سألوا ذلك كما فيما يحكيه الله عنهم: " ربنا وأدخلهم جنات عدن " - الخ المؤمن: 8 أو جميع هذه الأسئلة.
وذكر الطبرسي " ره " في الآية أن قوله: " كانت لهم جزاء ومصيرا حال من ضمير الجنة المقدر في " وعد المتقون "، وأن قوله: " لهم فيها ما يشاؤن " حال من " المتقون " وهو أقرب إلى الذهن من قول غيره أن الجملتين استينافان في موضع التعليل كالجواب لسؤال مقدر.
قوله تعالى: " ويوم يحشرهم وما يعبدون من دون الله " إلى آخر الآية ضمائر الجمع الأربعة عائدة إلى الكفار، والمراد بما يعبدون الملائكة والمعبودون من البشر والأصنام ان كان " ما " أعم من غير اولي العقل، والا فالأصنام فقط.
والمشار إليهم المعنيون بقوله: " عبادي هؤلاء " الكفار ومعنى الآية ظاهر.
قوله تعالى: " قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء " الخ، جواب المعبودين عن قوله: " أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء " الخ، وقد بدؤا بالتسبيح على ما هو من أدب العبودية في موارد يذكر فيها شرك أهل الشرك أو ما يوهم ذلك بوجه.
(١٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 ... » »»
الفهرست