تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ٥٨
واما الميل إلى شئ من ظلمهم وادخاله في الدين أو اجراؤه في المجتمع الاسلامي أو في ظرف الحياة الشخصية فليس من الركون إلى الظالمين بل هو دخول في زمرة الظالمين.
وقد اختلط هذا الامر على كثير من المفسرين فأوردوا في المقام أبحاثا لا تمس الآية أدنى مس، وقد اغمضنا عن ايرادها والبحث في صحتها وسقمها ايثار للاختصار ومن أراد الوقوف عليها فليراجع تفاسيرهم.
قوله تعالى: " واقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل ان الحسنات يذهبن السيئات " الخ، طرفا النهار هو الصباح والمساء، والزلف جمع زلفى كقرب جمع قربى لفظا ومعنى على ما قيل، وهو وصف ساد مسد موصوفه كالساعات ونحوها، والتقدير وساعات من الليل أقرب من النهار.
والمعنى أقم الصلاة في الصباح والمساء وفي ساعات من الليل هي أقرب من النهار، وينطبق من الصلوات الخمس اليومية على صلاة الصبح والعصر وهى صلاة المساء والمغرب والعشاء الآخرة، وقتهما زلف من الليل كما قاله بعضهم، أو على الصبح والمغرب ووقتهما طرفا النهار والعشاء الآخرة ووقتها زلف من الليل كما قاله آخرون، وقيل غير ذلك.
لكن البحث لما كان فقهيا كان المتبع فيه ما ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأئمة أهل بيته (ع) من البيان، وسيجئ في البحث الروائي الآتي إن شاء الله تعالى.
وقوله: " ان الحسنات يذهبن السيئات " تعليل لقوله: " واقم الصلاة " وبيان ان الصلوات حسنات واردة على نفوس المؤمنين تذهب بآثار المعاصي وهى ما تعتريها من السيئات، وقد تقدم كلام في هذا الباب في مسألة الحبط في الجزء الثاني من هذا الكتاب.
وقوله: " ذلك ذكرى للذاكرين " أي هذا الذي ذكر وهو ان الحسنات يذهبن السيئات على رفعة قدره تذكار للمتلبسين بذكر الله تعالى من عباده.
قوله تعالى: " واصبر فان الله لا يضيع اجر المحسنين " ثم امره صلى الله عليه وآله وسلم بالصبر بعد ما امره بالصلاة كما جمع بينهما في قوله: " واستعينوا بالصبر والصلاة " البقرة: 45 وذلك أن كلا منهما في بابه من أعظم الأركان أعني الصلاة في العبادات، والصبر في الأخلاق وقد قال تعالى في الصلاة: " ولذكر الله أكبر " العنكبوت: 45 وقال في الصبر: " ان ذلك لمن عزم الأمور " الشورى: 43.
(٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 ... » »»
الفهرست