فرق بين التعبيرين " الخ " ومحصله ان التعبير عنهم تارة بالذين ظلموا وتارة بالظالمين دليل على أن المراد بالكلمتين واحد.
ففيه انه خفى عليه وجه العناية الكلامية الذي تقدمت الإشارة إليه واتحاد مصداق اللفظتين لا يوجب وحدة العناية المتعلقة بهما.
فالمحصل من مضمون الآية نهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأمته عن الركون إلى من اتسم بسمة الظلم بان يميلوا إليهم ويعتمدوا على ظلمهم في أمر دينهم أو حياتهم الدينية فهذا هو المراد بقوله: " ولا تركنوا إلى الذين ظلموا ".
وقوله: " فتمسكم النار " تفريع على الركون أي عاقبة الركون هو مس النار، وقد جعلت عاقبة الركون إلى ظلم أهل الظلم مس النار وعاقبة نفس الظلم النار، وهذا هو الفرق بين الاقتراب من الظلم والتلبس بالظلم نفسه.
وقوله: " وما لكم من دون الله من أولياء " في موضع الحال من مفعول " فتمسكم " أي تمسكم النار في حال ليس لكم فيها من دون الله من أولياء وهو يوم القيامة الذي يفقد فيه الانسان جميع أوليائه من دون الله. أو حال الركون ان كان المراد بالنار العذاب، والمراد بقوله: " ثم لا تنصرون " نفى الشفاعة على الأول والخذلان الإلهي على الثاني.
والتعبير بثم في قوله: " ثم لا تنصرون " للدلالة على اختتام الامر على ذلك بالخيبة والخذلان كأنه قيل: تمسكم النار وليس لكم الا الله فتدعونه فلا يجيبكم وتستنصرونه فلا ينصركم فيؤل امركم إلى الخسران والخيبة والخذلان.
وقد تحصل مما تقدم من الأبحاث في الآية أمور:
الأول: أن المنهى عنه في الآية انما هو الركون إلى أهل الظلم في أمر الدين أو الحياة الدينية كالسكوت في بيان حقائق الدين عن أمور يضرهم أو ترك فعل ما لا يرتضونه أو توليتهم المجتمع وتقليدهم الأمور العامة ا اجراء الأمور الدينية بأيدهم وقوتهم واشباه ذلك.
واما الركون والاعتماد عليهم في عشرة أو معاملة من بيع وشرى والثقة بهم وائتمانهم في بعض الأمور فان ذلك كله غير مشمول للنهي الذي في الآية لأنها ليست بركون