تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ٥١
بولاية الأمور العامة أو المودة التي تفضى إلى المخالطة والتأثير في شؤون المجتمع أو الفرد الحيوية.
وبالجملة الاقتراب في أمر الدين أو الحياة الدينية من الذين ظلموا بنوع من الاعتماد والاتكاء يخرج الدين أو الحياة الدينية عن الاستقلال في التأثير ويغيرهما عن الوجهة الخالصة، ولازم ذلك السلوك إلى الحق من طريق الباطل أو احياء حق باحياء باطل وبالآخرة إماتة الحق لاحيائه.
والدليل على هذا الذي ذكرنا انه تعالى جمع في خطابه في هذه الآية الذي هو من تتمة الخطاب في الآية السابقة بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبين المؤمنين من أمته، والشؤون التي له ولامته هي المعارف الدينية والأخلاق والسنن الاسلامية في تبليغها وحفظها واجرائها والحياة الاجتماعية بما يطابقها، وولاية أمور المجتمع الاسلامي، وانتحال الفرد بالدين واستنانه بسنة الحياة الدينية فليس للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا لامته أن يركنوا في شئ من ذلك إلى الذين ظلموا.
على أن من المعلوم أن هاتين الآيتين كالنتيجة المأخوذة من قصص القرى الظالمة التي اخذهم الله بظلمهم وهما متفرعتان عليها ناظرتان إليها، ولم يكن ظلم هؤلاء الأمم الهالكة في شركهم بالله تعالى وعباده الأصنام فحسب بل كان مما ذمه الله من فعالهم اتباع الظالمين والفساد في الأرض بعد اصلاحها وهو الاستنان بالسنن الظالمة التي يقيمها الولاة الجائرون، ويستن بها الناس وهم بذلك ظالمون.
ومن المعلوم أيضا من السياق ان الآيتين مترتبتان في غرضهما فالأولى تنهى عن أن يكونوا من أولئك الذين ظلموا والثانية تنهى ان يقتربوا منهم ويميلوا إليهم (1) ويعتمدوا في حقهم على باطلهم فقوله: " لا تركنوا إلى الذين ظلموا " نهى عن الميل إليهم والاعتماد عليهم والبناء على باطلهم في أمر أصل الدين والحياة الدينية جميعا.
ووقوع الآيتين موقع النتيجة المتفرعة على ما تقدم من القصص المذكورة يفيد أن المراد بالذين ظلموا في الآية ليس من تحقق منه الظلم تحققا ما والا لعم جميع الناس الا

(١) أي أن يتوسلوا في اجراء الحق بين أنفسهم بالوسيلة الباطلة التي عند أعداء الدين من الظالمين.
(٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 ... » »»
الفهرست