تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ٣٨١
جهل بالحوادث المستقبلة ليقوموا بواجب حياتهم بهداية من الأسباب العادية وسياقة من الخوف والرجاء وظهور الحوادث المستقبلة تمام ظهورها يفسد هذه الغاية الإلهية فهو سبب الكف عن التحديث لا الخوف من أن يكذبه الله بالبداء فإنه مأمون منه فلا تعارض بين الرواية وما قبلها.
وفيه عن الفضيل بن يسار عن أبي عبد الله (ع) قال: ان الله تبارك وتعالى كتب كتابا فيه ما كان وما هو كائن فوضعه بين يديه فما شاء منه قدم وما شاء منه أخر وما شاء منه محى وما شاء منه كان وما لم يشا لم يكن وفيه عن ابن سنان عن أبي عبد الله (ع) يقول: ان الله يقدم ما يشاء ويؤخر ما يشاء ويمحو ما يشاء ويثبت ما يشاء وعنده أم الكتاب وقال كل أمر يريده الله فهو في علمه قبل ان يضعه وليس شئ يبدو له الا وقد كان في علمه ان الله لا يبدو له من جهل.
أقول والروايات في البداء عنهم (ع) متكاثرة مستفيضة فلا يعبأ بما نقل عن بعضهم انه خبر واحد.
والرواية كما ترى تنفى البداء بمعنى علمه تعالى ثانيا بما كان جاهلا به اولا بمعنى تغير علمه في ذاته كما ربما يتفق فينا تعالى عن ذلك وانما هو ظهور أمر منه تعالى ثانيا بعد ما كان الظاهر منه خلافه اولا فهو محو الأول واثبات الثاني والله سبحانه عالم بهما جميعا.
وهذا مما لا يسع لذي لب انكاره فان للأمور والحوادث وجودا بحسب ما تقتضيه أسبابها الناقصة من علة أو شرط أو مانع ربما تخلف عنه ووجودا بحسب ما تقتضيه أسبابها وعللها التامة وهو ثابت غير موقوف ولا متخلف والكتابان أعني كتاب المحو والاثبات وأم الكتاب اما ان يكونا أمرين تتبعهما هاتان المرحلتان من وجود الأشياء اللتان إحداهما تقبل المحو والاثبات والاخرى لا تقبل الا الثبات واما ان يكونا عين تينك المرحلتين وعلى أي حال ظهور أمر أو إرادة منه تعالى بعد ما كان الظاهر خلافه واضح لا ينبغي الشك فيه.
والذي احسب ان النزاع في ثبوت البداء كما يظهر من أحاديث أئمة أهل البيت
(٣٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 376 377 378 379 380 381 382 383 384 385 386 ... » »»
الفهرست