الذي أنشأها أول مرة " يس: 79.
ومنها ان الانسان تنتفى ذاته بالموت فلا ذات حتى تتلبس بالخلق الجديد ولا انسان بعد الموت والفوت الا في تصور المتصور دون الخارج بنحو.
وقد أجيب في كلامه تعالى عنه ببيان ان الانسان ليس هو البدن المركب من عدة أعضاء مادية حتى ينعدم من أصله ببطلان التركيب وانحلاله بل حقيقته روح علوية وان شئت قلت نفس متعلق بهذا المركب المادي تستعمله في اغراضه ومقاصده وبها حياة البدن يبقى بها الانسان محفوظ الشخصية وان تغير بدنه وتبدل بمرور السنين ومضى العمر ثم الموت هو ان يأخذها الله من البدن وتقطع علقتها به ثم البعث هو ان يجدد الله خلق البدن وتعليقها به وهو القيام لله لفصل القضاء.
قال تعالى: " وقالوا أإذا ضللنا في الأرض إنا لفى خلق جديد بل هم بلقاء ربهم كافرون قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون " ألم السجدة: 11 يقول انكم بالموت لا تضلون في الأرض ولا تنعدمون بل الملك الموكل بالموت يأخذ الامر الذي تدل عليه لفظة كم ونا وهى النفوس فتبقى في قبضته ولا تضل ثم إذا بعثتم ترجعون إلى الله بلحوق أبدانكم إلى نفوسكم وأنتم أنتم.
فللانسان حياة باقية غير محدودة بما في هذه الدنيا الفانية وله عيشة في دار أخرى باقية ببقاء الله ولا يتمتع في حياته الثانية الا بما يكتسبه في حياته الأولى من الايمان بالله والأعمال الصالحة ويعده في يومه لغده من مواد السعادة فان اتبع الحق وآمن بآيات الله سعد في اخراه بكرامة القرب والزلفى وملك لا يبلى وان اخلد إلى الأرض وانكب على الدنيا واعرض عن الذكرى بقى في دار الشقاء والبوار وغل بأغلال الخيبة والخسران في مهبط اللعن وحضيض البعد وكان من أصحاب النار.
وإذا عرفت هذا الذي قدمناه وتأملته تأملا كافيا بان لك ان قوله تعالى: " أولئك الذين كفروا بربهم " إلى آخر الآية ليس بمجرد تهديد بالعذاب لهؤلاء القائلين " أإذا كنا ترابا أإنا لفى خلق جديد " على ما يتخيل في بادئ النظر بل جواب بلازم القول.
وتوضيح ذلك أن لازم قولهم ان الانسان إذا مات وصار ترابا بطلت الانسانية