تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ٢٤٧
: " وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لادم فسجدوا الا إبليس " طه: 116.
والدليل على انها لم تكن منهم سجدة عبادة ليوسف ان بين هؤلاء الساجدين يعقوب (ع) وهو ممن نص القرآن الكريم على كونه مخلصا بالفتح لله لا يشرك به شيئا ويوسف (ع) وهو المسجود له منهم بنص القرآن وهو القائل لصاحبيه في السجن ما كان لنا ان نشرك بالله من شئ ولم يردعهم.
فليس الا انهم انما اخذوا يوسف آية لله فاتخذوه قبلة في سجدتهم وعبدوا الله بها لا غير كالكعبة التي تؤخذ قبلة فيصلى إليها فيعبد بها الله دون الكعبة ومن المعلوم ان الآية من حيث إنها آية لا نفسية لها أصلا فليس المعبود عندها الا الله سبحانه وتعالى وقد تكرر الكلام في هذا المعنى فيما تقدم من اجزاء الكتاب.
ومن هنا يظهر ان ما ذكروه في توجيه الآية كقول بعضهم ان تحية الناس يومئذ كانت هي السجدة كما انها في الاسلام السلام وقول بعضهم ان سنة التعظيم كانت إذ ذاك السجدة ولم ينه عنها لغير الله بعد كما في الاسلام وقول بعضهم كان سجودهم كهيئة الركوع كما يفعله الأعاجم كل ذلك غير وجيه.
قوله تعالى: " قال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربى حقا " إلى آخر الآية لما شاهد (ع) سجدة أبويه واخوته الاحد عشر ذكر الرؤيا التي رأى فيها أحد عشر كوكبا والشمس والقمر له ساجدين وأخبر بها أباه وهو صغير فأولها له فأشار إلى سجودهم له وقال " يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها أي الرؤيا ربى حقا ".
ثم اثنى على ربه شاكرا له فقال " وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن " فذكر احسان ربه به في اخراجه من السجن وهو ضراء وبلاء دفعه الله عنه بتبديله سراء ونعمة من حيث لا يحتسب حيث جعله وسيلة لنيله العزة والملك.
ولم يذكر اخراجه من الجب قبل ذلك لحضور اخوته عنده وكان لا يريد ان يذكر ما يسوؤهم ذكره كرما وفتوة بل أشار إلى ذلك بأحسن لفظ يمكن ان يشار به إليه من غير أن يتضمن طعنا فيهم وشنآنا فقال " وجاء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين اخوتى " والنزغ هو الدخول في أمر لافساده.
(٢٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 242 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 ... » »»
الفهرست