تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ٢٥٨
النسوة ويحكم بينه وبينهن ولما احضرهن وكلمهن في امره اتفقن على تبرئته من جميع ما اتهم به وقلن حاش لله ما علمنا عليه من سوء وقالت امرأة العزيز الآن حصحص الحق انا راودته عن نفسه وانه لمن الصادقين فاستعظم الملك امره في علمه وحكمه واستقامته وأمانته فامر باطلاقه واحضاره معززا وقال ائتوني به استخلصه لنفسي فلما حضر وكلمه قال إنك اليوم لدينا مكين امين وقد محصت أحسن التمحيص واختبرت أدق الاختبار.
قال يوسف اجعلني على خزائن الأرض ارض مصر انى حفيظ عليم حتى أهيئ الدولة في هذه السنين السبع المخصبة التي تجرى على الناس لانجائهم مما يهددهم من السنين السبع المجدبة فأجابه الملك على ذلك فقام يوسف بالامر وامر بإجادة الزرع واكثاره وجمع الطعام والميرة وحفظه في المخازن بالحزم والتدبير حتى إذا دهمهم السنون المجدبة وضع فيهم الأرزاق وقسم بينهم الطعام حتى أنجاهم الله بذلك من المخمصة وفي هذه السنين انتصب يوسف لمقام عزة مصر واستولى على سرير الملك فكان السجن طريقا له يسلك به إلى أريكة العزة والملك بإذن الله وقد كانوا تسببوا به إلى اخماد ذكره وانسائه من قلوب الناس واخفائه من أعينهم.
وفى بعض تلك السنين المجدبة دخل على يوسف اخوته لاخذ الطعام فعرفهم وهم له منكرون فاستفسرهم عن شانهم وعن أنفسهم فذكروا له انهم أبناء يعقوب وانهم أحد عشر أخا أصغرهم عند أبيهم يأنس به ولا يدعه يفارقه قط فاظهر يوسف انه يشتاق ان يراه فيعرف ما باله يخصه أبوه بنفسه فأمرهم ان يأتوه به ان رجعوا إليه ثانيا للامتيار وزاد في اكرامهم وايفاء كيلهم فاعطوه العهد بذلك وامر فتيانه ان يدسوا بضاعتهم في رحالهم لعلهم يعرفونها إذا انقلبوا إلى أهلهم لعلهم يرجعون.
ولما رجعوا إلى أبيهم حدثوه بما جرى بينهم وبين عزيز مصر وانه منع منهم الكيل الا ان يرجعوا إليه بأخيهم بنيامين فامتنع أبوهم من ذلك ولما فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم ردت إليهم فراجعوا أباهم وذكروا له ذلك وأصروا على ارسال بنيامين معهم إلى مصر وهو يأبى حتى وافقهم على ذلك بعد أن اخذ منهم موثقا من الله ليأتنه به الا ان يحاط بهم.
(٢٥٨)
مفاتيح البحث: الطعام (2)، المنع (1)، العزّة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 ... » »»
الفهرست