تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ٢٤٥
يوسف وذلك انهم كانوا يرون انهم أحق بالحب من يوسف وهم عصبة إليهم تدبير بيته والدفاع عنه لكن أباهم قد ضل عن مستوى طريق الحكمة وقدم عليهم في الحب طفلين صغيرين لا يغنيان عنه شيئا فاقبل بكله إليهما ونسيهم ثم لما فقد يوسف جزع له ولم يزل يجزع ويبكى حتى ذهبت عيناه وتقوس ظهره.
فهذا هو مرادهم من كونه في ضلاله القديم ليسوا يعنون به الضلال في الدين حتى يصيروا بذلك كافرين.
اما أولا فلان ما ذكر من فصول كلامهم في خلال القصة يشهد على أنهم كانوا موحدين على دين آبائهم إبراهيم وإسحاق ويعقوب (ع).
واما ثانيا فلان المقام ههنا وكذا في بدء القصة حين قالوا ان ابانا لفى ضلال مبين لا مساس له بالضلال في الدين حتى يحتمل رميهم أباهم فيه وانما يمس أمرا عمليا حيويا وهو حب أب لبعض أولاده وتقديمه في الكرامة على آخرين فهو المعني بالضلال.
قوله تعالى: " فلما ان جاء البشير ألقاه على وجهه فارتد بصيرا قال ألم أقل لكم انى اعلم من الله ما لا تعلمون " البشير حامل البشارة وكان حامل القميص وقوله " ألم أقل لكم انى اعلم " يشير (ع) إلى قوله لهم حين لاموه على ذكر يوسف " انما أشكوا بثي وحزني إلى الله واعلم من الله ما لا تعلمون " ومعنى الآية ظاهر.
قوله تعالى: " قالوا يا ابانا استغفر لنا ذنوبنا انا كنا خاطئين " القائلون بنو يعقوب بدليل قولهم يا ابانا ويريدون بالذنوب ما فعلوه به في أمر يوسف وأخيه واما يوسف فقد كان استغفر لهم قبل.
قوله تعالى: " قال سوف استغفر لكم ربى انه هو الغفور الرحيم " اخر (ع) الاستغفار لهم كما هو مدلول قوله سوف استغفر لكم ربى ولعله انما اخره ليتم له النعمة بلقاء يوسف وتطيب نفسه به كل الطيب بنسيان جميع آثار الفراق ثم يستغفر لهم وفى بعض الاخبار انه اخره إلى وقت يستجاب فيه الدعاء وسيجئ إن شاء الله.
قوله تعالى: " ولما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين " في الكلام حذف والتقدير فخرج يعقوب وآله من أرضهم وساروا إلى مصر ولما دخلوا الخ
(٢٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 ... » »»
الفهرست