تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ٢٤٦
وقوله " آوى إليه أبويه " فسروه بضمهما إليه وقوله وقال ادخلوا مصر الخ ظاهر في أن يوسف خرج من مصر لاستقبالهما وضمهما إليه هناك ثم عرض لهما دخول مصر اكراما وتأدبا وقد أبدع (ع) في قوله " إن شاء الله آمنين " حيث أعطاهم الامن واصدر لهم حكمه على سنة الملوك وقيد ذلك بمشية الله سبحانه للدلالة على أن المشية الانسانية لا تؤثر اثرها كسائر الأسباب الا إذا وافقت المشية الإلهية على ما هو مقتضى التوحيد الخالص وظاهر هذا السياق انه لم يكن لهم الدخول والاستقرار في مصر الا بجواز من ناحية الملك ولذا أعطاهم الامن في مبتدء الامر.
وقد ذكر سبحانه أبويه والمفسرون مختلفون في أنهما كانا والديه أباه وامه حقيقة أو انهما يعقوب وزوجه خالة يوسف بالبناء على أن امه ماتت وهو صغير ولا يوجد في كلامه تعالى ما يؤيد أحد المحتملين غير أن الظاهر من الأبوين هما الحقيقيان.
ومعنى الآية ولما دخلوا أي أبواه واخوته وأهلهم على يوسف وذلك في خارج مصر آوى وضم إليه أبويه وقال لهم مؤمنا لهم ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين.
قوله تعالى: " ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي " إلى آخر الآية العرش هو السرير العالي ويكثر استعماله فيما يجلس عليه الملك ويختص به والخرور السقوط على الأرض والبدو البادية فان يعقوب كان يسكن البادية.
وقوله ورفع أبويه على العرش أي رفع يوسف أبويه على عرش الملك الذي كان يجلس عليه ومقتضى الاعتبار وظاهر السياق انهما رفعا على العرش بأمر من يوسف تصداه خدمه لا هو بنفسه كما يشعر به قوله وخروا له سجدا فان الظاهر أن السجدة انما وقعت لأول ما طلع عليهم يوسف فكأنهم دخلوا البيت واطمان بهم المجلس ثم دخل عليهم يوسف فغشيهم النور الإلهي المتلألئ من جماله البديع فلم يملكوا أنفسهم دون ان خروا له سجدا.
وقوله وخروا له سجدا الضمير ليوسف كما يعطيه السياق فهو المسجود له وقول بعضهم ان الضمير لله سبحانه نظرا إلى عدم جواز السجود لغير الله لا دليل عليه من جهة اللفظ وقد وقع نظيره في القرآن الكريم في قصة آدم والملائكة قال تعالى
(٢٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 251 ... » »»
الفهرست