تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ٢٣٥
ومعنى الآية ثم قال يعقوب لبنيه آمرا لهم " يا بنى اذهبوا فتحسسوا " من يوسف وأخيه " الذي اخذ بمصر وابحثوا عنهما لعلكم تظفرون بهما ولا تيأسوا من روح الله والفرج الذي يرزقه الله بعد الشدة " انه لا ييأس من روح الله الا القوم الكافرون " الذين لا يؤمنون بان الله يقدر ان يكشف كل غمة وينفس عن كل كربة قوله تعالى: " فلما دخلوا عليه قالوا يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة " الخ البضاعة المزجاة المتاع القليل وفي الكلام حذف والتقدير فساروا بنى يعقوب إلى مصر ولما دخلوا على يوسف قالوا الخ.
كانت لهم على ما يدل عليه السياق حاجتان إلى العزيز ولا مطمع لهم بحسب ظاهر الأسباب إلى قضائهما واستجابته عليهم فيهما.
إحداهما ان يبيع منهم الطعام ولا ثمن عندهم يفي بما يريدونه من الطعام على أنهم عرفوا بالكذب وسجل عليهم السرقة من قبل وهان أمرهم على العزيز لا يرجى منه ان يكرمهم بما كان يكرمهم به في الجيئة الأولى.
وثانيتهما ان يخلى عن سبيل أخيهم المأخوذ بالسرقة وقد استيأسوا منه بعد ما كانوا الحوا عليه فأبى العزيز حتى عن تخلية سبيله بأخذ أحدهم مكانه.
ولذلك لما حضروا عند يوسف العزيز وكلموه وهم يريدون اخذ الطعام واعتاق أخيهم أوقفوا أنفسهم موقف التذلل والخضوع وبالغوا في رقة الكلام استرحاما واستعطافا فذكروا أو لا ما مسهم وأهلهم من الضر وسوء الحال ثم ذكروا قلة ما اتوا به من البضاعة ثم سألوه ايفاء الكيل واما حديث أخيهم المأخوذ فلم يصرحوا بسؤال تخلية سبيله بل سألوه ان يتصدق عليهم وانما يتصدق بالمال والطعام مال وأخوهم المسترق مال العزيز ظاهرا ثم حرضوه بقولهم: " ان الله يجزى المتصدقين " وهو في معنى الدعاء.
فمعنى الآية يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وأحاط بنا جميعا المضيقة وسوء الحال وجئنا إليك ببضاعة مزجاة ومتاع قليل لا يعدل ما نسألك من الطعام غير أنه نهاية ما في وسعنا فأوف لنا الكيل وتصدق علينا وكأنهم يريدون به أخاهم أو إياه والطعام ان الله يجزى المتصدقين خيرا.
(٢٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 ... » »»
الفهرست