وكان يعقوب (ع) عالما بان الحذر لا يدفع القدر ولكن كان ما قاله لبنيه حاجة في نفسه فقضى يعقوب تلك الحاجة أي أزال به اضطراب قلبه واذهب به القلق عن نفسه.
وقول بعضهم ان المعنى ان الله لو قدر ان تصيبهم العين لأصابتهم وهم متفرقون كما تصيبهم مجتمعين.
وقول بعضهم ان معنى قوله: " وانه لذو علم لما علمناه " الخ انه لذو يقين ومعرفة بالله لأجل تعليمنا إياه ولكن أكثر الناس لا يعلمون مرتبته. وقول بعضهم ان اللام في لما علمناه للتقوية والمعنى انه يعلم ما علمناه فيعمل به لان من علم شيئا وهو لا يعمل به كان كمن لا يعلم إلى غير ذلك من أقاويلهم.
قوله تعالى: " ولما دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه قال انى انا أخوك فلا تبتئس بما كانوا يعملون " الايواء إليه ضمه وتقريبه منه في مجلسه ونحوه والابتئاس اجتلاب البؤس والاغتمام والحزن وضمير الجمع للاخوة.
ومعنى الآية ولما دخلوا على يوسف بعد دخولهم مصر آوى وقرب إليه أخاه الذي أمرهم ان يأتوا به إليه وكان أخا له من أبيه وامه قال له انى انا أخوك أي يوسف الذي فقدته منذ سنين والجملة خبر بعد خبر أو جواب سؤال مقدر فلا تبتئس ولا تغتم بما كانوا أي الاخوة يعملون من أنواع الأذى والمظالم التي حملهم عليها حسدهم لي ولك ونحن اخوان من أم أو لا تبتئس بما كان غلماني يعملون فإنه كيد لحبسك عندي.
وظاهر السياق انه عرفه نفسه باسرار القول إليه وسلاه على ما عمله الاخوة وطيب نفسه فلا يعبأ بقول بعضهم ان معنى قوله انى انا أخوك انا أخوك مكان أخيك الهالك وقد كان اخبره انه كان له أخ من امه هلك من قبل فبقى وحده لا أخ له من امه ولم يعترف يوسف له بالنسب ولكنه أراد ان يطيب نفسه.
وذلك أنه ينافيه ما في قوله انى انا أخوك من وجوه التأكيد وذلك انما يناسب تعريفه نفسه بالنسب ليستيقن انه هو يوسف على أنه ينافي أيضا ما سيأتي من قوله لاخوته عند تعريفهم نفسه " انا يوسف وهذا اخى قد من الله علينا " فإنه انما يناسب ما إذا علم