تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ٢٢٢
اخوه انه اخوه فاعتز بعزته كما لا يخفى.
قوله تعالى: " فلما جهزهم بجهازهم جعل السقاية في رحل أخيه ثم اذن مؤذن ايتها العير انكم لسارقون " السقاية الظرف الذي يشرب فيه والرحل ما يوضع على البعير للركوب والعير القوم الذين معهم احمال الميرة وذلك اسم للرجال والجمال الحاملة للميرة وان كان قد يستعمل في كل واحد من دون الاخر ذكر ذلك الراغب في مفرداته.
ومعنى الآية ظاهر وهذه حيلة احتالها يوسف (ع) ليأخذ بها أخاه إليه كما قصه وفصله الله تعالى وجعل ذلك مقدمة لتعريفهم نفسه في حال التحق به اخوه وهما منعمان بنعمة الله مكرمان بكرامته.
وقوله ثم اذن مؤذن ايتها العير انكم لسارقون الخطاب لاخوة يوسف وفيهم اخوه لامه ومن الجائز توجيه الخطاب إلى الجماعة في أمر يعود إلى بعضهم إذا كان لا يمتاز عن الآخرين وفي القرآن منه شئ كثير وهذا الامر الذي سمى سرقه وهو وجود السقاية في رحل البعير كان قائما بواحد منهم وهو أخو يوسف لامه لكن عدم تعينه بعد من بينهم كان مجوزا لخطابهم جميعا بأنكم سارقون فان معنى هذا الخطاب في مثل هذا المقام ان السقاية مفقودة وهى عند بعضكم ممن لا يتعين الا بعد الفحص والتفتيش.
ومن المعلوم من السياق ان أخا يوسف لامه كان عالما بهذا الكيد مستحضرا منه ولذلك لم يتكلم من أول الامر إلى آخره ولا بكلمة ولا نفى عن نفسه السرقة ولا اضطرب كيف؟ وقد عرفه يوسف انه أخاه وسلاه وطيب نفسه فليس الا ان يوسف (ع) كان عرفه ما هو غرضه من هذا الصنع وانه انما يريد بتسميته سارقا واخراج السقاية من رحله ان يقبض عليه ويأخذه إليه فتسميته سارقا انما كان اتهاما في نظر الاخوة واما بالنسبة إليه وفي نظره فلم يكن تسمية جدية وتهمة حقيقية بل توصيفا صوريا فحسب لمصلحة لازمة جازمة.
فنسبة السرقة إليهم بالنظر إلى هذه الجهات لم تكن من الافتراء المذموم عقلا المحرم شرعا على أن القائل هو المؤذن الذي اذن بذلك.
وذكر بعض المفسرين ان القائل انكم لسارقون بعض من فقد الصاع من قوم يوسف من غير امره ولم يعلم أن يوسف أمر بجعل الصاع في رحالهم.
(٢٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 ... » »»
الفهرست