حمل بعير وانا به زعيم وهذه جعالة.
وظاهر بعض المفسرين ان قوله ولمن جاء به حمل بعير وانا به زعيم تتمة قول المؤذن ايتها العير انكم لسارقون وعلى هذا فقوله قالوا واقبلوا عليهم إلى قوله صواع الملك معترض قوله تعالى: " قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض وما كنا سارقين " المراد بالأرض ارض مصر وهى التي جاؤها ومعنى الآية ظاهر.
وفى قولهم " لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض " دلالة على أنهم فتشوا وحقق في أمرهم أول ما دخلوا مصر للميرة بأمر يوسف (ع) بدعوى الخوف من أن يكونوا جواسيس وعيونا أو نازلين بها لأغراض فاسدة أخرى فسئلوا عن شانهم ومحلهم ونسبهم وأمثال ذلك وبه يتأيد ما ورد في بعض الروايات ان يوسف أظهر لهم انه في ريب من أمرهم فسألهم عن شأنهم ومكانهم وأهلهم وعند ذلك ذكروا ان لهم ابا شائخا واخا من أبيهم فأمر باتيانهم به وسيأتي في البحث الروائي التالي إن شاء الله تعالى.
وقولهم وما كنا سارقين نفى ان يكونوا متصفين بهذه الصفة الرذيلة من قبل أو يعهد منهم أهل البيت ذلك.
قوله تعالى: " قالوا فما جزاؤه ان كنتم كاذبين " أي قال فتيان يوسف أو هو وفتيانه سائلين منهم عن الجزاء ما جزاء السرق أو ما جزاء الذي سرق منكم ان كنتم كاذبين في انكاركم.
والكلام في قولهم ان كنتم كاذبين في نسبة الكذب إليهم يقرب من الكلام في قولهم انكم لسارقون وقد تقدم.
قوله تعالى: " قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه كذلك نجزى الظالمين " مرادهم ان جزاء السرق نفس السارق أو جزاء السارق نفسه بمعنى ان من سرق ما لا يصير عبدا لمن سرق ما له وهكذا كان حكمه في سنة يعقوب (ع) كما يدل عليه قولهم " كذلك نجزى الظالمين " أي هؤلاء الظالمين وهم السراق لكنهم عدلوا عنه إلى قولهم: " جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه " للدلالة على أن السرقة انما يجازى بها نفس السارق لا رفقته وصحبه وهم أحد عشر نسمة لا ينبغي ان يؤاخذ منهم لو تحققت السرقة الا السارق بعينه