تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ٢٣٢
واقعة يوسف فصبر جميل قبال تسويل أنفسكم عسى الله ان يأتيني بأبنائي الثلاثة جميعا.
ومن هنا يظهر ان قولهم ان المعنى ما عندي ان الامر على ما تصفونه بل سولت لكم أنفسكم أمرا فيما أظن ليس في محله.
وقوله " عسى الله ان يأتيني بهم جميعا انه هو العليم الحكيم " ترج مجرد لرجوعهم جميعا مع ما فيه من الإشارة إلى أن يوسف حي لم يمت على ما يراه وليس مشربا معنى الدعاء ولو كان في معنى الدعاء لم يختمه بقوله انه هو العليم الحكيم بل بمثل قولنا انه هو السميع العليم أو الرؤف الرحيم أو ما يناظرهما كما هو المعهود في الأدعية المنقولة في القرآن الكريم.
بل هو رجاء لثمرة الصبر فهو يقول إن واقعة يوسف السابقة وهذه الواقعة التي اخذت منى ابنين آخرين انما هما لأمر ما سولته لكم أنفسكم فسا صبر صبرا وارجو به ان يأتيني الله بأبنائي جميعا ويتم نعمته على آل يعقوب كما وعدنيه انه هو العليم بمورد الاجتباء واتمام النعمة حكيم في فعله يقدر الأمور على ما تقتضيه الحكمة البالغة فلا ينبغي للانسان ان يضطرب عند البلايا والمحن بالطيش والجزع ولا ان ييأس من روحه ورحمته.
والاسمان العليم الحكيم هما اللذان ذكرهما يعقوب ليوسف (ع) لأول مرة أول رؤياه فقال إن ربك عليم حكيم ثم ذكرهما يوسف ليعقوب (ع) ثانيا حيث رفع أبويه على العرش وخروا له سجدا فقال يا أبت هذا تأويل رؤياي إلى أن قال وهو العليم الحكيم.
قوله تعالى: " وتولى عنهم وقال يا أسفي على يوسف وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم " قال الراغب في المفردات الأسف الحزن والغضب معا وقد يقال لكل واحد منهما على الانفراد وحقيقته ثوران دم القلب شهوة الانتقام فمتى كان ذلك على من دونه انتشر فصار غضبا ومتى كان على من فوقه انقبض فصار حزنا إلى أن قال وقوله تعالى: " فلما آسفونا " انتقمنا منهم أي أغضبونا قال أبو عبد الله (1) الرضا: ان الله لا يأسف كأسفنا ولكن له أولياء يأسفون ويرضون - فجعل رضاهم رضاه وغضبهم

(1) كذا في النسخة المنقولة عنها والصحيح أبو الحسن.
(٢٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 ... » »»
الفهرست