يأمنه امنا انتهى فقوله هل آمنكم عليه الخ أي هل اطمئن إليكم في ابني هذا الا مثل ما اطمأننت إليكم في أخيه يوسف من قبل هذا فكان ما كان.
ومحصله انكم تتوقعون منى ان أثق فيه بكم وتطمئن نفسي إليكم كما وثقت بكم واطمأننت إليكم في أخيه من قبل وتعدونني بقولكم وانا له لحافظون ان تحفظوه كما وعدتم في يوسف بقولكم وانا له لحافظون وقد امنتكم بمثل هذا الا من على يوسف فلم تغنوا عنى شيئا وجئتم بقميصه الملطخ بالدم ان الذئب اكله وامنى لكم على هذا الأخ مثل امني على أخيه من قبل امن لمن لا يغنى امنه والاطمئنان إليه شيئا ولا بيده حفظ ما سلم إليه وائتمن له.
وقوله فالله خير حافظا وهو ارحم الراحمين تفريع على سابق كلامه هل آمنكم عليه الخ وتفيد الاستنتاج أي إذا كان الاطمئنان إليكم في امره لغي لا اثر له ولا يغنى شيئا فخير الاطمئنان والاتكال ما كان اطمئنانا إلى الله سبحانه من حيث حفظه وإذا تردد الامر بين التوكل عليه والتفويض إليه وبين الاطمئنان إلى غيره كان الوثوق به تعالى هو المختار المتعين وقوله " وهو ارحم الراحمين " في موضع التعليل لقوله فالله خير حافظا أي ان غيره تعالى ربما امن في أمر وائتمن عليه في أمانة سلم له فلم يرحم المؤتمن وضيع الأمانة لكنه سبحانه ارحم الراحمين لا يترك الرحمة في محل الرحمة ويترحم العاجز الضعيف الذي فوض إليه أمرا وتوكل عليه ومن يتوكل على الله فهو حسبه.
ومن هنا يظهر ان مراده (ع) ليس بيان لزوم اختياره تعالى في الاعتماد عليه من جهة انه سبب مستقل في سببيته غير مغلوب البتة بخلاف سائر الأسباب وان كان الامر كذلك قال تعالى: " ومن يتوكل على الله فهو حسبه ان الله بالغ امره " الطلاق: 3 كيف والاطمئنان إلى غيره تعالى بهذا المعنى من الشرك الذي يتنزه عنه ساحة الأنبياء وقد نص تعالى على أن يعقوب (ع) من المخلصين أهل الاجتباء وانه من الأئمة الهداة المهديين وهو (ع) يعترف في قوله الا كما امنتكم على أخيه من قبل انه امنهم على يوسف ولو كان من الشرك لم يقدم عليه البتة على أنه امنهم على اخى يوسف أيضا بعد ما اعطوه موثقا من الله تعالى كما تدل عليه الآيات التالية.
بل يريد بيان لزوم اختياره تعالى في الاطمئنان إليه دون غيره من جهة انه تعالى