تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ١٧٤
عصر ويحيى به روح السعادة جيلا بعد جيل والبرهان عليه هو البرهان على النبوة والوحي فان الواحد من الانسان العادي لا يمتنع عليه الشرك ونسيان التوحيد والجائز على الواحد جائز على الجميع وفي تلبس الجميع بالشرك فساد النوع في غايته وبطلان الغرض الإلهي في خلقته.
فمن الواجب ان يكون في النوع رجال متلبسون باخلاص التوحيد يقومون بأمره ويدافعون عنه وينبهون الناس عن رقدة الغفلة والجهالة بالقاء حججه وبث شواهده وآياته وبينهم وبين الناس رابطة التعليم والتعلم دون السوق والاتباع.
وهذه النفوس ان كانت فهى نفوس الأنبياء والأئمة (ع) وفى خلقهم وبعثهم فضل من الله سبحانه عليهم بتعليم توحيده لهم وعلى الناس بنصب من يذكرهم الحق الذي تقضى به فطرتهم ويدافع عن الحق تجاه غفلتهم وضلالتهم فان اشتغال الناس بالاعمال المادية ومزاولتهم للأمور الحسية تجذبهم إلى اللذات الدنيوية وتحرضهم على الاخلاد إلى الأرض فتبعدهم عن المعنويات وتنسيهم ما في فطرهم من المعارف الإلهية ولولا رجال متألهون متولهون في الله الذين أخلصهم بخالصة ذكرى الدار في كل برهة من الزمان لأحيطت الأرض بالعماء وانقطع السبب الموصول بين الأرض والسماء وبطلت غاية الخلقة وساخت الأرض باهلها.
ومن هنا يظهر ان الحق ان تنزل الآية على هذه الحقيقة فيكون معنى الآية لم يجعل لنا بتأييد من الله سبيل إلى أن نشرك بالله شيئا ذلك أي كوننا في امن من الشرك من فضل الله علينا لأنه الهدى الذي هو سعادة الانسان وفوزه العظيم وعلى الناس لان في ذلك تذكيرهم إذا نسوا وتنبيههم إذا غفلوا وتعليمهم إذا جهلوا وتقويمهم إذا عوجوا ولكن أكثر الناس لا يشكرون الله بل يكفرون بهذا الفضل فلا يعبؤون به ولا يقبلون عليه بل يعرضون عنه هذا.
وذكر بعضهم في معنى الآية ان المشار إليه بقوله ذلك من فضل الله علينا الخ هو العلم بتأويل الأحاديث وهو كما ترى بعيد من سياق الآية قوله تعالى: " يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار لفظة الخير بحسب الوزن صفة من قولهم خار يخار خيره إذا انتخب واختار أحد شيئين يتردد
(١٧٤)
مفاتيح البحث: الغفلة (1)، السب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 ... » »»
الفهرست