تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ١٧٠
اتهموه به كشهادة الصبى وقد القميص من خلفه واستباقهما الباب معا ولعل منها تقطيع النسوة أيديهن برؤيته واستعصامه عن مراودتهن إياه عن نفسه واعتراف امرأة العزيز لهن انها راودته عن نفسه فاستعصم.
وقوله ليسجننه اللام فيه للقسم أي اقسموا وعزموا ليسجننه البتة وهو تفسير للرأي الذي بدا لهم ويتعلق به قوله حتى حين ولا يخلو من معنى الانتظار بالنظر إلى قطع حين عن الإضافة والمعنى على هذا ليسجننه حتى ينقطع حديث المراودة الشائع في المدينة وينساه الناس.
ومعنى الآية ثم ظهر للعزيز ومن يتلوه من امرأته وسائر مشاوريه رأي جديد في يوسف من بعد ما رأوا هذه الآيات الدالة على براءته وعصمته وهو ان يسجنوه حينا من الزمان حتى ينسى حديث المراودة الذي يجلب لهم العار والشين واقسموا على ذلك.
ويظهر بذلك انهم انما عزموا على ذلك لمصلحة بيت العزيز وصونا لأسرته عن هوان التهمة والعار ولعل من غرضهم ان يتحفظوا على امن المدينة العام ولا يخلوا الناس وخاصة النساء ان يفتتنوا به فان هذا الحسن الذي أو له امرأة العزيز والسيدات من شرفاء المدينة وفعل بهم ما فعل من طبعه ان لا يلبث دون ان يقيم في المدينة بلوى.
لكن الذي يظهر من قوله في السجن لرسول الملك " ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن " إلى آخر ما قال ثم قول الملك لهن ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه وقولهن حاش لله ما علمنا عليه من سوء ثم قول امرأة العزيز الآن حصحص الحق انا راودته عن نفسه وانه لمن الصادقين كل ذلك يدل على أن المراة البست الامر بعد على زوجها وأرابته في براءة يوسف (ع) فاعتقد خلاف ما دلت عليه الآيات أو شك في ذلك ولم يكن ذلك الا عن سلطة تامة منها عليه وتمكن كامل من قلبه ورأيه.
وعلى هذا فقد كان سجنه بتوسل أو بأمر منها لتدفع بذلك تهمة الناس عن نفسها وتؤدب يوسف لعله ينقاد لها ويرجع إلى طاعتها فيما كانت تأمره به كما هددته به بمحضر من النسوة بقولها " ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن وليكونن من الصاغرين ".
قوله تعالى: " ودخل معه السجن فتيان " إلى آخر الآية الفتى العبد وسياق الآيات
(١٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 ... » »»
الفهرست