تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ١٧١
يدل على أنهما كانا عبدين من عبيد الملك وقد وردت به الروايات كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
وقوله: " قال أحدهما انى أراني اعصر خمرا " فصل قوله قال أحدهما للدلالة على الفصل بين حكاية الرؤيا وبين الدخول كما يشعر به ما في السياق من قوله أراني وخطابه له بصاحب السجن.
وقوله أراني لحكاية الحال الماضية كما قيل وقوله اعصر خمرا أي اعصر عنبا كما يعصر ليتخذ خمرا فقد سمى العنب خمرا باعتبار ما يؤول إليه.
والمعنى أصبح أحدهما وقال ليوسف (ع) انى رأيت فيما يرى النائم انى اعصر عنبا للخمر.
وقوله " وقال الاخر انى أراني احمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه " أي تنهشه وهى رؤيا أخرى ذكرها صاحبه وقوله " نبئنا بتأويله انا نراك من المحسنين " أي قالا نبئنا بتأويله فاكتفى عن ذكر الفعل بقوله قال وقال وهذا من لطائف تفنن القرآن والضمير في قوله بتأويله راجع إلى ما يراه المدلول عليه بالسياق وفي قوله " انا نراك من المحسنين " تعليل لسؤالهما التأويل ونراك أي نعتقدك من المحسنين لما نشاهد فيك من سيماهم وانما أقبلا عليه في تأويل رؤياهما لاحسانه لما يعتقد عامة الناس ان المحسنين الأبرار ذووا قلوب طاهرة ونفوس زاكية فهم ينتقلون إلى روابط الأمور وجريان الحوادث انتقالا أحسن وأقرب إلى الرشد من انتقال غيرهم.
والمعنى قال أحدهما ليوسف انى رأيت فيما يرى النائم كذا وقال الاخر انى رأيت كذا وقالا له أخبرنا بتأويل ما رآه كل منا لأنا نعتقد انك من المحسنين ولا يخفى لهم أمثال هذه الأمور الخفية لزكاء نفوسهم وصفاء قلوبهم.
قوله تعالى: " قال لا يأتيكما طعام ترزقانه الا نبأتكما بتأويله قبل ان يأتيكما " لما اقبل صاحبا السجن على يوسف (ع) في سؤاله عن تأويل رؤيا رأياها عن حسن ظن به من جهة ما كانا يشاهدان منه سيماء المحسنين اغتنم (ع) الفرصة في بث ما عنده من اسرار التوحيد والدعوة إلى ربه سبحانه الذي علمه ذلك فأخبرهما انه عليم بذلك بتعليم
(١٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 ... » »»
الفهرست