تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ١٧٧
نعم يبقى هناك شئ وهو الذي يعتمد عليه عامة الوثنية من أن الله سبحانه اجل وارفع ذاتا من أن تحيط به عقولنا أو يناله افهامنا فلا يمكننا التوجه إليه بعبادته ولا يسعنا التقرب منه بعبوديته والخضوع له والذي يسعنا هو ان نتقرب بالعبادة إلى بعض مخلوقاته الشريفة التي هي مؤثرات في تدبير النظام العالمي حتى يقربونا منه ويشفعوا لنا عنده فأشار (ع) في الشطر الثاني من كلامه أعني قوله ما تعبدون من دونه الا أسماء الخ إلى دفعه.
قوله تعالى: " ما تعبدون من دونه الا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما انزل الله بها من سلطان ان الحكم الا لله أمر ان لا تعبدوا الا إياه " الخ بدء (ع) بخطاب صاحبيه في السجن اولا ثم عمم الخطاب للجميع لان الحكم مشترك بينهما وبين غيرهما من عبدة الأوثان.
ونفى العبادة الا عن الأسماء كناية عن انه لا مسميات وراء هذه الأسماء فتقع العبادة في مقابل الأسماء كلفظة اله السماء واله الأرض واله البحر واله البر والأب والام وابن الا له ونظائر ذلك.
وقد اكد كون هذه الأسماء ليس وراءها مسميات بقوله أنتم وآباؤكم فإنه في معنى الحصر أي لم يضع هذه الأسامي أحد غيركم بل أنتم وآباؤكم وضعتموها ثم أكده ثانيا بقوله ما انزل الله بها من سلطان والسلطان هو البرهان لتسلطه على العقول اي ما انزل الله بهذه الأسماء أو بهذه التسمية من برهان يدل على أن لها مسميات وراءها وحينئذ كان يثبت لها الألوهية أي المعبودية فصحت عبادتكم لها.
ومن الجائز ان يكون ضمير بها عائدا إلى العبادة أي ما انزل الله حجة على عبادتها بان يثبت لها شفاعة واستقلالا في التأثير حتى تصح عبادتها والتوجه إليها فان الامر إلى الله على كل حال واليه أشار بقوله بعده " ان الحكم الا لله ".
وهو أعني قوله ان الحكم الا لله مما لا ريب فيه البتة إذ الحكم في أمر ما لا يستقيم الا ممن يملك تمام التصرف ولا مالك للتصرف والتدبير في أمور العالم وتربية العباد حقيقة الا الله سبحانه فلا حكم بحقيقة المعنى الا له.
(١٧٧)
مفاتيح البحث: الحج (1)، الشفاعة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 ... » »»
الفهرست