تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ١٣٠
المخلصين وهم الذين أخلصهم الله لنفسه فلا يشاركه فيهم شئ فلا يطيعون غيره من تسويل شيطان أو تزيين نفس أو أي داع يدعو من دون الله سبحانه.
وقوله: " انه من عبادنا المخلصين " في مقام التعليل لقوله كذلك لنصرف الخ والمعنى عاملنا يوسف كذلك لأنه من عبادنا المخلصين وهم يعاملون هذه المعاملة.
ويظهر من الآية ان من شأن المخلصين من عباد الله ان يروا برهان ربهم وان الله سبحانه يصرف كل سوء وفحشاء عنهم فلا يقترفون معصية ولا يهمون بها بما يريهم الله من برهانه وهذه هي العصمة الإلهية.
ويظهر أيضا ان هذا البرهان سبب علمي يقيني لكن لا من العلوم المتعارفة المعهودة لنا.
وللمفسرين من العامة والخاصة في تفسير الآية أقوال مختلفة:
1 - منها: ما ذكره بعضهم ونسب إلى ابن عباس ومجاهد وقتادة وعكرمة والحسن وغيرهم ان المعنى انها همت بالفاحشة وانه هم بمثله لولا أن رأى برهان ربه لفعل.
وقد وصفوا همه (ع) بما يجل عنه مقام النبوة ويتنزه عنه ساحة الصديق فذكروا انه قصدها بالفاحشة ودنا منها حتى حل السراويل وجلس منها مجلس الخاتن فأدركه برهان من ربه أبطل الشهوة ونجاه من الهلكة وذكروا في وصف هذا البرهان أمورا كثيرة مختلفة.
قال الغزالي في تفسيره لهذه السورة اختلفوا فيه يعنى في البرهان ما هو؟ قال بعضهم ان طائرا وقع على كتفه فقال في اذنه لا تفعله فان فعلت سقطت من درجة الأنبياء وقيل إنه رأى يعقوب عاضا على إصبعه وهو يقول يا يوسف أما تراني وقال الحسن البصري رآها وهى تغطي شيئا فقال لها ما تصنعين؟ قالت أغطي وجه صنمي لئلا يراني فقال يوسف أنت تستحيين الجماد الذي لا يعقل ولا يرى فانا أولى ان استحيى ممن يراني ويعلم سرى وعلانيتي.
قال أرباب اللسان انه نودي في سره يا يوسف اسمك مكتوب في ديوان الأنبياء
(١٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 ... » »»
الفهرست