على امره الآية 21 من السورة وقال: " ان الله بالغ امره " الطلاق: 3 فما آتاه من الحكم لا يخالطه تزلزل الريب والشك وما يؤتيه من العلم لا يكون جهلا البتة.
ثم من المعلوم ان هذه المواهب الإلهية ليست بأعمال جزافية ولا لغوا أو عبثا منه تعالى فالنفوس التي تؤتى هذا الحكم والعلم لا تستوى هي والنفوس الخاطئة في حكمها المنغمرة في جهلها وقد قال تعالى: " والبلد الطيب يخرج نباته باذن ربه والذي خبث لا يخرج الا نكدا " الأعراف: 58 والى ذلك الإشارة بقوله: " وكذلك نجزى المحسنين " حيث يدل على أن هذا الحكم والعلم اللذين آتاهما الله إياه لم يكونا موهبتين ابتدائيتين لا مستدعى لهما أصلا بل هما من قبيل الجزاء جزاه الله بهما لكونه من المحسنين.
وليس من البعيد ان يستفاد من قوله: " وكذلك نجزى المحسنين ان الله تعالى يجزى كل محسن على اختلاف صفات الاحسان شيئا من الحكم والعلم يناسب موقعه في الاحسان وقد قال تعالى: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به " الحديد: 28 وقال تعالى: " أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشى به في الناس " الانعام: 122.
وهذا العلم المذكور في الآية يتضمن ما وعد الله سبحانه تعليمه ليوسف من تأويل الأحاديث فإنه واقع بين قوله تعالى في الآيات السابقة: " وليعلمه من تأويل الأحاديث " وقوله حكاية عن يوسف في قوله لصاحبيه في السجن: " ذلكما مما علمني ربى " فافهم ذلك.
قوله تعالى: " وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ الله انه ربى أحسن مثواي انه لا يفلح الظالمون " قال في المفردات الرود هو التردد في طلب الشئ برفق ومنه الرائد لطالب الكلاء قال والإرادة منقولة من راد يرود إذا سعى في طلب شئ قال: والمراودة ان تنازع غيرك في الإرادة فتريد غير ما يريد أو ترود غير ما يرود وراودت فلانا عن كذا قال تعالى: " هي راودتني عن نفسي " وقال: " تراود فتاها عن نفسه " أي تصرفه عن رأيه وعلى ذلك قوله: " ولقد راودته عن نفسه " " سنراود عنه أباه " انتهى.
وفي المجمع المراودة المطالبة بأمر بالرفق واللين ليعمل به ومنه المرود لأنه يعمل به ولا يقال في المطالبة بدين راوده واصله من راد يرود إذا طلب المرعى وفى