تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٠ - الصفحة ٢٣٢
وقيل: بعدا للقوم الظالمين فإنما القائل هو الله عز اسمه والقوم الظالمون هم المقضى عليهم بالعذاب، ولو قيل: قضى الامر فإنما القاضي هو الله سبحانه، والامر هو ما وعده نوحا ونهاه ان يراجعه في ذلك وهو انهم مغرقون، ولو قيل للسماء: اقلعي بعد ما قيل للأرض: ابلعي ماءك فإنما يراد اقلاعها وامساكها ماءها.
ففي الآية الكريمة اجتماع عجيب من أسباب الايجاز وتوافق لطيف فيما بينها كما أن الآية واقفة على موقف عجيب من بلاغة القرآن المعجزة يبهر العقول ويدهش الألباب وان كانت الآيات القرآنية كلها معجزة في بلاغتها.
وقد اهتم بأمرها رجال البلاغة وعلماء البيان فغاصوا لجي بحرها واخرجوا ما استطاعوا نيله من لئاليها، وما هو - وقد اعترفوا بذلك - الا كغرفة من بحر أو حصاة من بر.
قوله تعالى: (ونادى نوح ربه فقال رب ان ابني من أهلي وان وعدك الحق وأنت احكم الحاكمين) دعاء نوح عليه السلام لابنه الذي تخلف عن ركوب السفينة وقد كان آخر عهده به يوم ركب السفينة فوجده في معزل فناداه وأمره بركوب السفينة فلم يأتمر ثم حال بينهما الموج فوجد نوح عليه السلام وهو يرى أنه مؤمن بالله من أهله وقد وعده الله بإنجاء أهله.
ولما به من الوجد والحزن رفع صوته بالدعاء كما يدل عليه قوله تعالى:
(ونادى نوح ربه) ولم يقل: سأل أو قال أو دعا، ورفع الصوت بالاستغاثة من المضطر الذي اشتد به الضر وهاج به الوجد أمر طبعي. والدعاء أعني نداء نوح عليه السلام ربه في ابنه وان ذكر في القصة بعد ذكر انجاز غرق القوم وظاهره كون النداء بعد تمام الامر واستواء الفلك لكن مقتضى ظاهر الحال ان يكون النداء بعد حيلولة الموج بينهما وعلى هذا فذكره بعد ذكر انقضاء الطوفان انما هو لمكان العناية ببيان جميع ما في القصة من الهيئة الهائلة في محل واحد لتكميل تمثيل الواقعة ثم الاخذ ببيان بعض جهاته الباقية.
وقد كان عليه السلام رسولا أحد الأنبياء أولى العزم عالما بالله عارفا بمقام ربه بصيرا بموقف نفسه في العبودية، والظرف ظهرت فيه آية الربوبية والقهر الإلهي
(٢٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة يونس 5
2 سورة هود 134
3 (25 - 35) كلام في قدرة الأنبياء والأولياء (بحث فلسفي قرآني) 210
4 (36 - 49) أبحاث حول قصة نوح في فصول (بحث قرآني روائي) 247
5 1 - الإشارة إلى قصته (بحث تاريخي فلسفي) 247
6 2 - قصته عليه السلام في القرآن: 248
7 بعثه وإرساله، دينه وشريعته 248
8 لبثه في قومه، صنعه الفلك 249
9 نزول العذاب ومجئ الطوفان 250
10 قضاء الأمر ونزوله ومن معه إلى الأرض 250
11 قصة ابن نوح الغريق 250
12 3 - خصائص نوح عليه السلام 251
13 4 - قصته في التوراة الحاضرة 252
14 5 - ما جاء في أمر الطوفان في أخبار الأمم وأساطيرهم 257
15 6 - هل كانت نبوته عامة للبشر؟ 259
16 7 - هل الطوفان كان عاما لجميع الأرض؟ 264
17 بحث جيلوجي ملحق بهذا الفصل في فصول 1 - الأراضي الرسوبية 266
18 2 - الطبقات الرسوبية أحدث القشور والطبقات الجيلوجية 267
19 3 - انبساط البحار واتساعها 268
20 4 - العوامل المؤثرة في ازدياد المياه وغزارة عملها في عهد الطوفان 269
21 5 - نتيجة البحث 270
22 6 - عمره عليه السلام الطويل 270
23 7 - أين هو جبل الجودي؟ 271
24 8 - شبهة وجوابها 271
25 (36 - 49) كلام في عبادة الأصنام وفيه فصول (بحث قرآني روائي) 1 - الانسان واطمئنانه إلى الحس (تاريخي فلسفي) 272
26 2 - الإقبال إلى الله بالعبادة 274
27 3 - كيف نشأت الوثنية؟ 275
28 4 - اتخاذ الأصنام لأرباب الأنواع وغيرهم 277
29 5 - الوثنية الصابئة 278
30 6 - الوثنية البرهمية؟ 279
31 7 - الوثنية البوذية 283
32 8 - وثنية العرب 285
33 9 - دفاع الاسلام عن التوحيد ومنازلته الوثنية 287
34 10 - بناء سيرة النبي على التوحيد ونفي الشركاء 290
35 كلام آخر ملحق بالكلام السابق في فصول 290
36 1 - التناسخ عند الوثنيين 290
37 2 - سريان هذه المحاذير إلى سائر الأديان 293
38 3 - إصلاح الاسلام لهذه المفاسد 294
39 4 - إشكال الاستشفاع والتبرك في الاسلام 295
40 كلام في قصة هود (بحث تاريخي قرآني) 307
41 1 - عاد قوم هود 307
42 2 - شخصية هود المعنوية 308
43 كلام في قصة صالح في فصول (بحث تاريخي قرآني) 317
44 1 - ثمود قوم صالح عليه السلام 2 - بعثة صالح 317
45 3 - شخصية صالح 318
46 كلام في قصة البشرى (بحث قرآني) 332
47 كلام في قصة لوط وقومه في فصول: (بحث قرآني تاريخي) 352
48 1 - قصته وقصة قومه في القرآن 352
49 2 - عاقبة أمرهم 353
50 3 - شخصية لوط المعنوية 4 - لوط وقومه في التوراة 354
51 (82 - 95) كلام في معنى حرية الانسان في عمله 370
52 (82 - 95) كلام في قصة شعيب وقومه في القرآن في فصول: (بحث قرآني تاريخي) 377
53 1 - قصته عليه السلام 377
54 2 - شخصيته المعنوية 3 - ذكره في التوراة 378