ما ليس لك به علم) الخ. بين سبحانه لنوح عليه السلام وجه الصواب فيما ذكره بقوله:
(إن ابني من أهلي وان وعدك) الخ، وهو يستوجب به نجاة ابنه فقال تعالى:
(إنه ليس من أهلك) فارتفع بذلك اثر حجته.
والمراد بكونه ليس من أهله - والله أعلم - أنه ليس من أهله الذين وعده الله بنجاتهم لان المراد بالأهل في قوله: (وأهلك إلا من سبق عليه القول) الاهل الصالحون، وهو ليس بصالح وان كان ابنه ومن أهله بمعنى الاختصاص، ولذلك علل قوله: (انه ليس من أهلك) بقوله: (إنه عمل غير صالح).
فإن قلت: لازم ذلك أن يكون امرأته الكافرة من أهله لأنها انما خرجت من الحكم بالاستثناء وهى داخلة موضوعا في قوله: (وأهلك) ويكون ابنه ليس من أهله وخارجا موضوعا لا بالاستثناء وهو بعيد.
قلت: المراد بالأهل في قوله: (وأهلك الا من سبق عليه القول) هم الاهل بمعنى الاختصاص وبالمستثنى - من سبق عليه القول - غير الصالحين ومصداقه امرأته وابنه هذا، واما الاهل الواقع في قوله هذا: (إنه ليس من أهلك) فهم الصالحون من المختصين به عليه السلام طبقا لما وقع في قوله: (رب ان ابني من أهلي) فإنه عليه السلام لا يريد بالأهل في قوله هذا غير الصالحين من اولي الاختصاص وإلا شمل امرأته وبطلت حجته فافهم ذلك.
فهذا هو الظاهر من معنى الآية، ويؤيده بعض ما ورد عن أئمة أهل البيت عليهم السلام مما سيأتي في البحث الروائي التالي إن شاء الله.
وذكروا في تفسير الآية معان أخر:
منها: ان المراد أنه ليس على دينك فكأن كفره أخرجه عن أن يكون له أحكام أهله. ونسب إلى جماعة من المفسرين. وفيه انه في نفسه معنى لا بأس به إلا أنه غير مستفاد من سياق الآية لان الله سبحانه ينفى عنه الأهلية بالمعنى الذي كان يثبتها له به نوح عليه السلام ولم يكن نوح يريد بأهليته انه مؤمن غير كافر بل انما كان يريد انه أهله بمعنى الاختصاص والصلاح وان كان لازمه الايمان. اللهم الا ان يرجع إلى المعنى المتقدم.