تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٠ - الصفحة ٤٦
وكذا قول بعضهم: إن المراد ما كنتم تخصوننا بالعبادة، وإنما كنتم تعبدون أهواءكم وشهواتكم وشياطينكم المغوية لكم - فإن صدق عبادة الأهواء والشيطان على عملهم من جهة انه اتباع للهوى والشيطان لا ينفى عنه صدق كونه عبادة للأصنام كما أنه تعالى يصدق في كلامه الجهات الثلاث جميعا، قال تعالى: (ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم) يونس: 18، وقال: (أفرأيت من اتخذ إلهه هواه) الجاثية: 23، وقال: (أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين) يس: 60.
ومن المعلوم أن الشركاء يحتجون لنفى كونهم معبودين لهم لا لاثبات كون الهوى والشيطان معبودين لهم مع الشركاء فإن هذا لا ينفعهم في الحجة البتة، ويستلزم لغوية إثباتهم الغفلة لأنفسهم في قولهم: (إن كنا عن عبادتكم لغافلين) لان الأهواء أيضا ما كانت شاعرة بعبادتهم كما أن الأصنام وهى أجسام ميتة كذلك.
ولعل القائل اعتمد في قوله على الحصر المفهوم من قوله: (ما كنتم إيانا تعبدون) بتقديم المفعول على فعله، وظاهره أنه قصر قلب مدلوله نفى المعبودية عن أنفسهم وإثباته لغيرهم، ليس نفيا لأصل العبادة فإنهم يثبتونها في قولهم: (عن عبادتكم) فإن إضافة المصدر إلى معموله يفيد الثبوت.
لكن الحق أن هؤلاء الشركاء إنما قالوا لهم: (ما كنتم إيانا تعبدون) تجاه ما قاله المشركون على ما حكاه الله: (ربنا هؤلاء شركاؤنا الذين كنا ندعوا من دونك) النحل: 86 فنفوا عبادتهم عن الله سبحانه وأثبتوها للشركاء، والشركاء لم يكن ينفعهم إلا نفى عبادة المشركين عن أنفسهم، وأما أنها ثابتة لمن؟ فلا غرض لهم يتعلق بذلك وإنما همهم تنزيه أنفسهم عن دعوى الشركة، وقد احتجوا على ذلك بإثبات الغفلة عن ذلك لأنفسهم، ولو كانوا شاعرين بعبادتهم وعبدوهم كان لزمهم أعني الشركاء دعوى الشركة.
قوله تعالى: (فكفى بالله شهيدا بيننا وبينكم) إلى آخر الآية، ظهر معناه بما مر من التقرير، والفاء في قوله: (فكفى بالله) يفيد التعليل كقولنا: ا عبد الله فهو ربك، وهو شائع في الكلام.
قوله تعالى: (هنالك تبلوا كل نفس ما أسلفت) إلى آخر الآية، البلاء
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة يونس 5
2 سورة هود 134
3 (25 - 35) كلام في قدرة الأنبياء والأولياء (بحث فلسفي قرآني) 210
4 (36 - 49) أبحاث حول قصة نوح في فصول (بحث قرآني روائي) 247
5 1 - الإشارة إلى قصته (بحث تاريخي فلسفي) 247
6 2 - قصته عليه السلام في القرآن: 248
7 بعثه وإرساله، دينه وشريعته 248
8 لبثه في قومه، صنعه الفلك 249
9 نزول العذاب ومجئ الطوفان 250
10 قضاء الأمر ونزوله ومن معه إلى الأرض 250
11 قصة ابن نوح الغريق 250
12 3 - خصائص نوح عليه السلام 251
13 4 - قصته في التوراة الحاضرة 252
14 5 - ما جاء في أمر الطوفان في أخبار الأمم وأساطيرهم 257
15 6 - هل كانت نبوته عامة للبشر؟ 259
16 7 - هل الطوفان كان عاما لجميع الأرض؟ 264
17 بحث جيلوجي ملحق بهذا الفصل في فصول 1 - الأراضي الرسوبية 266
18 2 - الطبقات الرسوبية أحدث القشور والطبقات الجيلوجية 267
19 3 - انبساط البحار واتساعها 268
20 4 - العوامل المؤثرة في ازدياد المياه وغزارة عملها في عهد الطوفان 269
21 5 - نتيجة البحث 270
22 6 - عمره عليه السلام الطويل 270
23 7 - أين هو جبل الجودي؟ 271
24 8 - شبهة وجوابها 271
25 (36 - 49) كلام في عبادة الأصنام وفيه فصول (بحث قرآني روائي) 1 - الانسان واطمئنانه إلى الحس (تاريخي فلسفي) 272
26 2 - الإقبال إلى الله بالعبادة 274
27 3 - كيف نشأت الوثنية؟ 275
28 4 - اتخاذ الأصنام لأرباب الأنواع وغيرهم 277
29 5 - الوثنية الصابئة 278
30 6 - الوثنية البرهمية؟ 279
31 7 - الوثنية البوذية 283
32 8 - وثنية العرب 285
33 9 - دفاع الاسلام عن التوحيد ومنازلته الوثنية 287
34 10 - بناء سيرة النبي على التوحيد ونفي الشركاء 290
35 كلام آخر ملحق بالكلام السابق في فصول 290
36 1 - التناسخ عند الوثنيين 290
37 2 - سريان هذه المحاذير إلى سائر الأديان 293
38 3 - إصلاح الاسلام لهذه المفاسد 294
39 4 - إشكال الاستشفاع والتبرك في الاسلام 295
40 كلام في قصة هود (بحث تاريخي قرآني) 307
41 1 - عاد قوم هود 307
42 2 - شخصية هود المعنوية 308
43 كلام في قصة صالح في فصول (بحث تاريخي قرآني) 317
44 1 - ثمود قوم صالح عليه السلام 2 - بعثة صالح 317
45 3 - شخصية صالح 318
46 كلام في قصة البشرى (بحث قرآني) 332
47 كلام في قصة لوط وقومه في فصول: (بحث قرآني تاريخي) 352
48 1 - قصته وقصة قومه في القرآن 352
49 2 - عاقبة أمرهم 353
50 3 - شخصية لوط المعنوية 4 - لوط وقومه في التوراة 354
51 (82 - 95) كلام في معنى حرية الانسان في عمله 370
52 (82 - 95) كلام في قصة شعيب وقومه في القرآن في فصول: (بحث قرآني تاريخي) 377
53 1 - قصته عليه السلام 377
54 2 - شخصيته المعنوية 3 - ذكره في التوراة 378