تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٠ - الصفحة ٤٤
وقوله: (كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما) القطع جمع قطعة ومظلما حال من الليل، والمراد كأن الليل المظلم قسم إلى قطع فأغشيت وجوههم تلك القطع فاسودت بالتمام، والمتبادر منه أن يغشى وجه كل من المشركين بقطعة من تلك القطع لا كما فسره بعضهم أن المراد أن الوجوه أغشيت تلك القطع قطعة بعد قطعة فصارت ظلمات بعضها فوق بعض. فليس في الكلام ما يدل على ذلك.
وقوله: (أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) يدل على دوام بقائهم في النار للدلالة الصحابة والخلود عليه كما أن نظيره في أصحاب الجنة يدل على نظيره.
قوله تعالى: (ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا مكانكم أنتم وشركاؤكم) إلى آخر الآية. المراد حشر جميع من سبق ذكره من المؤمنين والمشركين وشركائهم فإنه تعالى يذكر المشركين وشركاءهم في هذه الآية وما يتلوها ثم يشير إلى الجميع بقوله في الآية التالية: (هنالك تبلوا كل نفس ما أسلفت).
وقوله: (ثم نقول للذين أشركوا مكانكم أنتم وشركاؤكم) أي الزموا مكانكم أنتم وليلزم شركاؤكم مكانهم وتفرع على هذا الخطاب أن زيلنا بينهم، وقطعنا الرابطة التي كانت تربطهم بشركائهم وهى رابطة الوهم والحسبان التي يتصلون بسببها بشركائهم فانقطعوا عن شركائهم وانقطع شركاؤهم عنهم فبان أن عبادتهم لم تقع عليهم ولم تتعلق بهم لانهم إنما عبدوا الشركاء وهم ليسوا بشركاء.
والدليل على هذا الذي ذكرناه قوله تعالى بعده: (وقال شركاؤهم ما كنتم إيانا تعبدون) فالكلام على ظاهره من النفي الجدي الصادق لعبادتهم إياهم، وليسوا يكذبون في كلامهم هذا بدليل استنادهم إلى شهادة الله سبحانه، ولا أنهم يريدون أنا لم نكن ندعوكم إلى عبادتنا فإن الكلام لا يلائم هذا المعنى، ولا أن مرادهم التعريض لهم بأنكم كنتم تعبدون أهواءكم وشياطينكم المغوين لكم في الحقيقة فإن ذلك لا يلائم دعواهم الغفلة، وكذا لا يلائمه قوله بعده: (هنالك تبلوا كل نفس ما أسلفت) الخ، على ما سيجئ من معناه بل مرادهم نفى العبادة حقيقة بنفي حقيقة الشركة، والاستشهاد على ذلك بشهادة الله وعلمه بغفلتهم عن عبادتهم.
(٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة يونس 5
2 سورة هود 134
3 (25 - 35) كلام في قدرة الأنبياء والأولياء (بحث فلسفي قرآني) 210
4 (36 - 49) أبحاث حول قصة نوح في فصول (بحث قرآني روائي) 247
5 1 - الإشارة إلى قصته (بحث تاريخي فلسفي) 247
6 2 - قصته عليه السلام في القرآن: 248
7 بعثه وإرساله، دينه وشريعته 248
8 لبثه في قومه، صنعه الفلك 249
9 نزول العذاب ومجئ الطوفان 250
10 قضاء الأمر ونزوله ومن معه إلى الأرض 250
11 قصة ابن نوح الغريق 250
12 3 - خصائص نوح عليه السلام 251
13 4 - قصته في التوراة الحاضرة 252
14 5 - ما جاء في أمر الطوفان في أخبار الأمم وأساطيرهم 257
15 6 - هل كانت نبوته عامة للبشر؟ 259
16 7 - هل الطوفان كان عاما لجميع الأرض؟ 264
17 بحث جيلوجي ملحق بهذا الفصل في فصول 1 - الأراضي الرسوبية 266
18 2 - الطبقات الرسوبية أحدث القشور والطبقات الجيلوجية 267
19 3 - انبساط البحار واتساعها 268
20 4 - العوامل المؤثرة في ازدياد المياه وغزارة عملها في عهد الطوفان 269
21 5 - نتيجة البحث 270
22 6 - عمره عليه السلام الطويل 270
23 7 - أين هو جبل الجودي؟ 271
24 8 - شبهة وجوابها 271
25 (36 - 49) كلام في عبادة الأصنام وفيه فصول (بحث قرآني روائي) 1 - الانسان واطمئنانه إلى الحس (تاريخي فلسفي) 272
26 2 - الإقبال إلى الله بالعبادة 274
27 3 - كيف نشأت الوثنية؟ 275
28 4 - اتخاذ الأصنام لأرباب الأنواع وغيرهم 277
29 5 - الوثنية الصابئة 278
30 6 - الوثنية البرهمية؟ 279
31 7 - الوثنية البوذية 283
32 8 - وثنية العرب 285
33 9 - دفاع الاسلام عن التوحيد ومنازلته الوثنية 287
34 10 - بناء سيرة النبي على التوحيد ونفي الشركاء 290
35 كلام آخر ملحق بالكلام السابق في فصول 290
36 1 - التناسخ عند الوثنيين 290
37 2 - سريان هذه المحاذير إلى سائر الأديان 293
38 3 - إصلاح الاسلام لهذه المفاسد 294
39 4 - إشكال الاستشفاع والتبرك في الاسلام 295
40 كلام في قصة هود (بحث تاريخي قرآني) 307
41 1 - عاد قوم هود 307
42 2 - شخصية هود المعنوية 308
43 كلام في قصة صالح في فصول (بحث تاريخي قرآني) 317
44 1 - ثمود قوم صالح عليه السلام 2 - بعثة صالح 317
45 3 - شخصية صالح 318
46 كلام في قصة البشرى (بحث قرآني) 332
47 كلام في قصة لوط وقومه في فصول: (بحث قرآني تاريخي) 352
48 1 - قصته وقصة قومه في القرآن 352
49 2 - عاقبة أمرهم 353
50 3 - شخصية لوط المعنوية 4 - لوط وقومه في التوراة 354
51 (82 - 95) كلام في معنى حرية الانسان في عمله 370
52 (82 - 95) كلام في قصة شعيب وقومه في القرآن في فصول: (بحث قرآني تاريخي) 377
53 1 - قصته عليه السلام 377
54 2 - شخصيته المعنوية 3 - ذكره في التوراة 378