أمثالها) الانعام: 160 وعند ذلك كان مفاد قوله: (للذين أحسنوا الحسنى) استحقاقهم للجزاء والمثوبة الحسنى، وتكون الزيادة هي الزيادة على مقدار الاستحقاق من المثل أو العشرة الأمثال نظير ما يفيده قوله: (فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله) النساء: 173.
ولو كان المراد بالحسنى في قوله: (للذين أحسنوا الحسنى) العاقبة الحسنى، وليس فيما يعقل فوق الحسنى شئ كان معنى قوله: (وزيادة) الزيادة على ما يعقله الانسان من الفضل الإلهي كما يشير إليه قوله: (فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين) ألم السجدة: 17 وما في قوله: (لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد) ق: 35 فإن من المعلوم أن كل أمر حسن يشاؤه الانسان فالمزيد على ما يشاؤه أمر فوق ما يدركه فافهم ذلك.
والرهق بفتحتين اللحوق والغشيان يقال: رهقه الدين أي لحق به وغشيه، والقتر الدخان الأسود أو الغبار الأسود، وفي توصيفهم بقوله: (ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة) محاذاة لما في الآية التالية من وصف أهل النار بسواد وجوههم بالقتر وهو سواد صوري والذلة وهى سواد معنوى.
والمعنى: للذين أحسنوا في الدنيا المثوبة الحسنى وزيادة من فضل الله - أو العاقبة الحسنى وزيادة لا تخطر ببالهم - ولا يغشى وجوههم سواد من قتر ولا ذلة، وأولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون.
قوله تعالى: (والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة) إلى آخر الآية، جملة (جزاء سيئة بمثلها) مبتدء لخبر محذوف والتقدير: لهم جزاء سيئة بمثلها من العذاب، والجملة خبر للمبتدء الذي هو قوله: (الذين كسبوا السيئات) والمراد أن الذين كسبوا السيئات لا يجزون إلا مثل ما عملوه من العقوبات السيئة فجزاء فعلة سيئة عقوبة سيئة.
وقوله: (ما لهم من الله من عاصم) أي ما لهم عاصم يعصمهم من الله أي من عذابه وفيه نفى لشركائهم الذين يظنونهم شفعاء على وجه ينفى كل عاصم مانع سواء كان شريكا شفيعا أو ضدا قويا ممانعا أو أي عاصم غيرهما.