تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٧ - الصفحة ٣٣٩
أن يؤمن بربه وهو نوع من الموت فأحييناه بحياة الايمان أو الهداية - والمال واحد - وجعلنا له نورا أي علما متولدا من إيمانه كما قال صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه الفريقان: (من عمل بما علم رزقه الله علم ما لم يعلم أو علمه الله ما لم يعلم). فإن روح الايمان إذا تمكنت من نفس الانسان واستقرت فيها حولت الآراء والأعمال إلى صور تناسبها ولا تخالفها وكذلك سائر الملكات أعم من الفضائل والرذائل إذا استقرت في باطن الانسان لم تلبث دون أن تحول آراءه وأعماله إلى أشكال تحاكيها.
وربما قيل: أن المراد بالنور هو الايمان أو القرآن وهو بعيد من السياق.
وهذا النور أثره في المؤمن إنه يمشى به في الناس) أي يتبصر به في مسير حياته الاجتماعية المظلمة ليأخذ من الأعمال ما ينفعه في سعادة حياته ويترك ما يضره.
فهذا هو حال المؤمن في حياته ونوره فهل هو (كمن مثله) ووصفه أنه (في الظلمات ظلمات الضلال وفقدان نور الايمان (ليس بخارج منها) لان الموت لا يستتبع آثار الحياة البتة فلا مطمع في أن يهتدى الكافر إلى أعمال تنفعه في أخراه وتسعده في عقباه.
وقد ظهر مما تقدم أن قوله: (كمن مثله في الظلمات) الخ، في تقدير: هو في الظلمات ليس بخارج منها، ففي الكلام مبتدأ محذوف هو الضمير العائد إلى الموصول، وقيل: التقدير: كمن مثله مثل من هو في الظلمات، ولا بأس به لولا كثرة التقدير.
قوله تعالى: (كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون) ظاهر سياق صدر الآية أن يكون التشبيه في قوله: (كذلك) من قبيل تشبيه الفرع بالأصل بعناية إعطاء القاعدة الكلية كقوله تعالى: (كذلك يضرب الله الحق والباطل) وقوله: (كذلك يضرب الله الأمثال) (الرعد: 17) أي اتخذ ما ذكرناه من المثل أصلا وقس عليه كل ما عثرت به من مثل مضروب فمعنى قوله: (كذلك زين) الخ، على هذا المثال المذكور أن الكافر لا مخرج له من الظلمات، زين للكافرين أعمالهم فقد زينت لهم أعمالهم زينة تجذبهم إليها وتحبسهم ولا تدعهم يخرجوا منها إلى فضاء السعادة وفسحة النور أبدا والله لا يهدى القوم الظالمين.
وقيل: إن وجه التشبيه في قوله: (كذلك زين) الخ، أنه زين لهؤلاء الكفر فعملوه مثل ما زين لأولئك الايمان فعملوه. فشبه حال هؤلاء في التزيين بحال أولئك فيه
(٣٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 334 335 336 337 338 339 340 341 342 343 344 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الأنعام 5
2 (37 - 55) كلام في المجتمعات الحيوانية. (بحث قرآني) 73
3 (56 - 73) كلام في معنى الحكم وأنه لله وحده (بحث قرآني) 115
4 (56 - 73) كلام في معنى حقيقة فعله وحكمه تعالى (بحث قرآني) 119
5 (76 - 83) قصة إبراهيم عليه السلام وشخصيته في أبحاث. 215
6 (76 - 83) 1 - قصة إبراهيم عليه السلام في القرآن. (بحث قرآني) 215
7 (76 - 83) 2 - منزلته عند الله تبارك وتعالى وموقفه العبودي. (بحث قرآني) 215
8 (76 - 83) 3 - أثره المبارك في المجتمع البشري (بحث علمي) 218
9 (76 - 83) 4 - ما تقصه التوراة فيه. (بحث تاريخي) 219
10 (76 - 83) 5 - تطبيق ما في التوراة من قصته من ما في القرآن. (بحث علمي) 225
11 (76 - 83) 6 - الجواب عما استشكل على القرآن على أمره (بحث علمي) 234
12 (84 - 90) كلام في معنى الكتاب في القرآن. (بحث قرآني) 252
13 (84 - 90) كلام في معنى الحكم في القرآن. (بحث قرآني) 254
14 (84 - 90) في أن الاسلام بعد أولاد البنات أولادا وذرية. (بحث قرآني وروائي) 261
15 (84 - 90) كلام في معنى البركة في القرآن. (بحث قرآني) 280
16 (91 - 105) كلام في عموم الخلقة وانبساطها على كل شئ (بحث قرآني) 292
17 (122 - 127) كلام في معنى الهداية الإلهية. (بحث قرآني) 346