يعنون الميتة، هو مما أوحاه إليهم الشياطين من باطل القول، والفارق أن أكل الميتة فسق دون أكل المذكى، وأن الله حرم أكل الميتة ولم يحرم أكل المذكى فليس فيما حرمه الله ذكر ما ذكر اسم الله عليه.
وأما قوله و: (إن أطعتموهم إنكم لمشركون) فهو تهديد وتخويف بالخروج من الايمان، والمعنى: إن أطعتم المشركين في أكل الميتة الذي يدعونكم إليه صرتم مشركين مثلهم إما لأنكم استننتم بسنه المشركين، أو لأنكم بطاعتهم تكونوا أولياء لهم فتكونون منهم قال تعالى: (ومن يتولهم منكم فإنه منهم) (المائدة: 51).
ووقوع هذه الجملة أعني قوله: (وإن أطعتموهم) الخ، في ذيل النهى عن أكل ما لم يذكر اسم الله عليه دون الامر بأكل ما ذكر اسم الله عليه يدل على أن المشركين كانوا يريدون من المؤمنين بجدالهم أن لا يتركوا أكل الميتة لا أن يتركوا أكل المذكى.
(بحث روائي) في الدر المنثور: أخرج ابن مردويه عن أبي اليمان جابر بن عبد الله قال: دخل النبي صلى الله عليه وآله وسلم المسجد الحرام يوم فتح مكة ومعه مخصرة، ولكل قوم صنم يعبدونه فجعل يأتيها صنما صنما ويطعن في صدر الصنم بعصا ثم يعقره كلما صرع صنما أتبعه الناس ضربا بالفؤوس - حتى يكسرونه ويطرحونه خارجا من المسجد والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: وتمت كلمات ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم.
وفيه: أخرج ابن مردويه وابن النجار عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قوله: (وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا) قال: لا إله إلا الله.
وفي الكافي بإسناده عن محمد بن مروان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:
إن الامام ليسمع في بطن امه فإذا ولد خط بين كتفيه: (وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم) فإذا صار الامر إليه جعل الله له عمودا من نور يبصر به ما يعمل أهل كل بلدة. أقول: وروى هذا المعنى بطرق أخرى عن عده من أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام ورواه أيضا القمي والعياشي في تفسيريهما عنه عليه السلام، وفي بعضها: أن الآية تكتب