تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٧ - الصفحة ١١٩
فيه المصلحة الانسانية المطلقة أو مصلحة قوم خاص أو أمة خاصة، والمصلحة الحقيقية - كما - عرفت - مأخوذه من السنة الجارية في الكون مطلقا أو نسبيا.
فقد تبين ان الحق ايا ما كان انما هو مأخوذ من الكون الخارجي والنظام المنبسط عليه والسنة الجارية فيه، ولا ريب ان الكون والوجود مع ما له من النظام والسنن والنواميس فعله سبحانه منه يبتدئ وبه يقوم، واليه ينتهى، فالحق ايا ما كان والمصلحة كيفما فرضت يتبعان فعله ويقتفيان اثره، ويثبتان بالاستناد إليه لا انه تعالى يتبع الحق في فعله ويقفو اثره فهو تعالى حق بذاته وكل ما سواه حق به.
ونحن معاشر الآدميين لما كنا نطلب بأفعالنا الاختيارية تتميم نواقص وجودنا ورفع حوائج حياتنا، وكانت أفعالنا ربما طابقت سعادتنا المطلوبة لنا وربما خالفت اضطررنا في ذلك إلى رعاية جانب المصلحة التي نذعن بأنها مصلحة أي فيها صلاح حالنا وسعادة جدنا وأدى ذلك إلى الاذعان بقوانين جارية وأحكام عامة، واعتبار شرائع وسنن اجتماعية لازمة المراعاة واجبة الاتباع لموافاتها المصلحة الانسانية وموافقتها السعادة المطلوبة.
وأدى ذلك إلى الاذعان بأن للمصالح والمفاسد ثبوتا واقعيا وظروفا من التحقق منحازا عن العالمين: - الذهن والخارج - منعزلا عن الدارين: - العلم والعين - وهى تؤثر أثرها في خارج الكون بالموافقة والمخالفة فإذا طابقت أفعالنا أو أحكامنا المصالح الواقعية الثابتة في نفس الامر ظهرت فيها المصلحة وانتهت إلى السعادة، وإذا خالفتها وطابقت المفاسد الواقعية الحقيقية ساقتنا إلى كل ضر وشر، وهذا النحو من الثبوت ثبوت واقعى غير قابل للزوال والتغير فللمصالح والمفاسد الواقعية وكذا لما معها من الصفات الداعية إلى الفعل والترك كالحسن والقبح وكذا للأحكام المنبعثة منها كوجوب الفعل والترك مثلا لكل ذلك ثبوت واقعى يتأبى عن الفناء والبطلان، ويمتنع عن التغير والتبدل وهى حاكمة فينا باعثة لنا إلى أفعال كذا أو صارفة، والعقل ينال هذه الأمور النفس الامرية كما ينال سائر الأمور الكونية.
ثم لما وجدوا ان الاحكام والشرائع الإلهية لا تفارق الاحكام والقوانين الانسانية المجعولة في المجتمعات من جهة معنى الحكم، وكذا أفعاله تعالى لا تختلف مع أفعالنا من جهة معنى الفعل حكموا بأن الأحكام الإلهية والافعال المنسوبة إلى الله سبحانه كأفعالنا في الانطباق
(١١٩)
مفاتيح البحث: يوم عرفة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الأنعام 5
2 (37 - 55) كلام في المجتمعات الحيوانية. (بحث قرآني) 73
3 (56 - 73) كلام في معنى الحكم وأنه لله وحده (بحث قرآني) 115
4 (56 - 73) كلام في معنى حقيقة فعله وحكمه تعالى (بحث قرآني) 119
5 (76 - 83) قصة إبراهيم عليه السلام وشخصيته في أبحاث. 215
6 (76 - 83) 1 - قصة إبراهيم عليه السلام في القرآن. (بحث قرآني) 215
7 (76 - 83) 2 - منزلته عند الله تبارك وتعالى وموقفه العبودي. (بحث قرآني) 215
8 (76 - 83) 3 - أثره المبارك في المجتمع البشري (بحث علمي) 218
9 (76 - 83) 4 - ما تقصه التوراة فيه. (بحث تاريخي) 219
10 (76 - 83) 5 - تطبيق ما في التوراة من قصته من ما في القرآن. (بحث علمي) 225
11 (76 - 83) 6 - الجواب عما استشكل على القرآن على أمره (بحث علمي) 234
12 (84 - 90) كلام في معنى الكتاب في القرآن. (بحث قرآني) 252
13 (84 - 90) كلام في معنى الحكم في القرآن. (بحث قرآني) 254
14 (84 - 90) في أن الاسلام بعد أولاد البنات أولادا وذرية. (بحث قرآني وروائي) 261
15 (84 - 90) كلام في معنى البركة في القرآن. (بحث قرآني) 280
16 (91 - 105) كلام في عموم الخلقة وانبساطها على كل شئ (بحث قرآني) 292
17 (122 - 127) كلام في معنى الهداية الإلهية. (بحث قرآني) 346