وقلت: تركنا أبا قتادة لا يخطئ في الحرف الواحد: الواو وشبهها، وجئت لمن يخطئ هذا الخطا كله فبينا أنا في ذلك إذ دخل عليه رجل آخر فسأله عن تلك الآية بعينها فخبر بخلاف ما خبرني وخلاف الذي خبر به الذي سأله بعدى فتجلى عنى وعلمت أن ذلك بعمد فحدثت نفسي بشئ.
فالتفت إلى أبو عبد الله عليه السلام فقال: يا بن أشيم لا تفعل كذا وكذا فبان حديثي عن الامر الذي حدثت به نفسي ثم قال: يا بن أشيم إن الله فوض إلى سليمان بن داود فقال:
(هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب) وفوض إلى نبيه صلى الله عليه وآله وسلم فقد فوض إلينا يا بن أشيم فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للاسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا، أتدري ما الحرج: فقلت لا، فقال بيده وضم أصابعه: هو الشئ المصمت الذي لا يخرج منه شئ ولا يدخل فيه شئ. أقول: مسألة التفويض إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة من ولده وإن وردت في تفسيره عدة أحاديث لكن الذي يدل عليه هذا الحديث معناه إنباؤهم من العلم بكتاب الله ما لا ينحصر في وجه ووجهين وتسليطهم عليه بالاذن في بث ما شاءوا منها، يستفاد ذلك من تطبيق ما ذكره عليه السلام في أمر سليمان بن داود من التفويض المستفاد من الآية الكريمة، ولا يبعد أن يكون المراد من تلاوة الآية الإشارة إلى ذلك، وإن كان الظاهر أن المراد به بيان حال القلوب بمناسبة ما ابتلى به موسى بن أشيم من اضطراب القلب وقلقه.
وفي تفسير القمي في الآية قال: قال: مثل شجرة حولها أشجار كثيرة فلا تقدر أن تلقى أغصانها يمنة ويسرة فتمر في السماء ويستمر حرجه.
أقول: وذلك أيضا يناسب ما فسر به الراغب معنى الحرج.
وفي تفسير العياشي عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: (كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون) قال: هو الشك.
أقول: وهو من قبيل التطبيق وبيان بعض المصاديق.