يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق) ولازم ذلك أن يكون الاكل مما لم يذكر اسم الله عليه من مصاديق الاثم حتى يرتبط بالتمهيد السابق عليه فهو من الاثم الظاهر أو الباطن لكن التأكيد البليغ الذي في قوله: (وإنه لفسق) يفيد أنه من الاثم الباطن وإلا لم تكن حاجة إلى تأكيده ذاك التأكيد الأكيد.
وبهذا البيان يظهر أن المراد بظاهر الاثم المعصية التي لا ستر على شؤم عاقبته ولا خفاء في شناعة نتيجته كالشرك والفساد في الأرض والظلم، وبباطن الاثم ما لا يعرف منه ذلك في بادئ النظر كأكل الميتة والدم ولحم الخنزير وإنما يتميز هذا النوع بتعريف إلهي وربما أدركه العقل، هذا هو الذي يعطيه السياق من معنى ظاهر الاثم وباطنه.
وللمفسرين في تفسيرهما أقوال أخر، من ذلك: أن ظاهر الاثم وباطنه هما المعصية في السر والعلانية، وقيل: أريد بالظاهر أفعال الجوارح، وبالباطن أفعال القلوب، وقيل: الظاهر من الاثم هو الزنا، والباطن اتخاذ الاخدان، وقيل: ظاهر الاثم نكاح امرأة الأب، وباطنه الزنا، وقيل: ظاهر الاثم الزنا الذي أظهر به، وباطنه الزنا إذا استسر به صاحبه على ما كان يراه أهل الجاهلية من العرب أن الزنا لا بأس به إذا لم يتجاهر به، وإنما الفحشاء هو الذي أظهره صاحبه، وهذه الأقوال - كما ترى - على أن جميعها أو أكثرها لا دليل عليها يخرج الآية عن حكم السياق.
وقوله تعالى: (إن الذين يكسبون الاثم سيجزون بما كانوا يقترفون) تعليل للنهي وإنذار بالجزاء السيئ.
قوله تعالى: (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه) نهى هو زميل قوله:
(وكلوا مما ذكر اسم الله عليه) كما تقدم.
وقوله: (وإنه لفسق) إلى آخر الآية، بيان لوجه النهى وتثبيت له أما قوله: (وإنه لفسق) فهو تعليل والتقدير: إنه لفسق وكل فسق يجب اجتنابه فالاكل مما لم يذكر اسم الله عليه واجب الاجتناب.
وأما قوله: (وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم) ففيه رد ما كان المشركون يلقونه إلى المؤمنين من الشبهة، والمراد بأولياء الشياطين هم المشركون، ومعناه أن ما يجادلكم به المشركون وهو قولهم: إنكم تأكلون مما قتلتم ولا تأكلون مما قتله الله