الخ، حيث أسند ظاهرا جعلهم عدوا للأنبياء - وفيه التسبب إلى الشر والبعث إلى الشرك والمعصية - إلى الله سبحانه وهو منزه من كل شر وسوء نظير الكلام في إسناده تزيين الأعمال إلى الله سبحانه في قوله: (كذلك زينا لكل أمة عملهم) وقد تقدم الكلام فيه، وكذا الكلام في ظاهر ما يفيده قوله في الآية التالية: (ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة) الخ، حيث جعل هذه المظالم والاثام غايات إلهية للدعوة الحقة.
وللمفسرين في هاتين الآيتين على حسب اختلاف مذاهبهم في انتساب الأعمال إلى الله سبحانه نظائر ما تقدم من أقوالهم في انتساب زينه الأعمال إليه تعالى.
وقد عرفت أن الذي يفيده ظاهر الآية الكريمة أن كل ما يصدق عليه اسم شئ فهو مملوك له تعالى منسوب إليه من غير استثناء لكن الآيات المنزهة لساحة قدسه تعالى من كل سوء وقبح تعطى أن الخيرات والحسنات جميعا مستندة إلى مشيته منسوبة إليه بلا واسطة أو معها، والشرور والسيئات مستندة إلى غيره تعالى كالشيطان والنفس بلا واسطة، وإنما تنتسب إليه تعالى بالاذن فهى مملوكة له تعالى واقعه بإذنه ليستقيم أمر الامتحان الإلهي ويتم بذلك أمر الدعوة الإلهية بالامر والنهى والثواب والعقاب ولولا ذلك لبطلت ولغت السنة الإلهية في تسيير الانسان كسائر الأنواع نحو سعادته في هذا العالم الكونى الذي لا سبيل فيه إلى الكمال والسعادة إلا بالسلوك التدريجي.
قوله تعالى: (ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة) إلى آخر الآية.
الاقتراف هو الاكتساب، وضمير المفرد للوحي المذكور في الآية السابقة، واللازم في قوله:
(لتصغى) للغاية والجملة معطوفة على مقدر، والتقدير: فعلنا ما فعلنا وشئنا ما شئنا ولم نمنع عن وحى بعضهم لبعض زخرف القول غرورا لغايات مستورة ولتصغى وتجيب إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليكتسبوا ما هم مكتسبون لينالوا بذلك جميعا ما يسألونه بلسان استعدادهم من شقاء الآخرة، فإن الله سبحانه يمد كلا من أهل السعادة أهل الشقاء بما يتم به سيرهم إلى منازلهم ويرزقهم ما يقترحونه بلسان استعدادهم قال تعالى: (كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا) (الاسراء: 20).