تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٧ - الصفحة ١٩٥
لا دليلا على ربوبية شركائكم وحجة توجب عبادتها.
والدليل على أن ذلك من ربى أنه وسع كل شئ علما فهو يعلم كل ما يحدث ويجرى من خير وشر في مملكته التي أوجدها لغايات صحيحة متقنة، وكيف يمكن ان يعلم في ملكه بشئ ينفع أو يضر فيسكت ولا يستقبله بأحد أمرين: إما المنع أو الاذن؟.
فلو حصل في نفسي شئ من الخوف لكان بمشية من الله وإذن على ما يليق بساحة قدسه، وكان ذلك من التدبير الدال على ربوبيته ونفى ربوبية غيره أفلا تتذكرون وترجعون إلى ما تدركونه بعقولكم وتهدى إليه فطرتكم.
فهذا وجه في تقرير الحجة المودعة في قوله: (ولا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء ربى وسع ربى كل شئ علما أفلا تتذكرون) وعلى ذلك فقوله: (ولا أخاف ما تشركون به) كالمتمم للحجة في قوله: (أتحاجوني في الله وقد هدان) وهو مع ذلك حجة تامة في نفسه لابطال ربوبية شركائهم بعدم الخوف منها، وقوله: (إلا أن يشاء ربى شيئا) كالكلام في الحجة على تقدير التسليم أي تحتجون على وجوب عبادتها بالخوف ولا خوف في نفسي، ولو فرض خوف لكان دليلا على ربوبية ربى لا على ربوبية شركائكم فإنه عن مشية من ربى، قوله: (وسع ربى كل شئ علما) وتعليل لكون الخوف المفروض مستندا إلى مشية ربه فإن فاطر السماوات والأرض لا يجهل ما يقع في ملكه فلا يقع إلا بإذن منه فهو الذي يدبر امره ويقوم بربوبيته، وقوله: (إفلا تتذكرون) استفهام توبيخي وإشارة إلى أن الحجة فطرية، هذا.
وللمفسرين في الآية أقوال:
أما قوله تعالى: (قال أتحاجوني في الله وقد هدان) فقد أورد أكثرهم فيه الوجه الأول من الوجهين اللذين قدمناهما، ومحصله أنه يرد اعتراضهم على توحيده بأنه غنى عن المحاجة في ذلك فإن الله هداه ولا حاجة معها إلى المحاجة لكن ظاهر السياق أنه في مقام المحاجة ولازمه ان كلامه احتجاج للتوحيد الاستغناء عن الاحتجاج.
وأما قوله تعالى: (لا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء ربى شيئا) فقد ذكروا في الصدر قريبا مما قدمناه، وأما الاستثناء فقيل: معناه إلا ان يغلب ربى هذه الأصنام التي تخوفونني بها فيحييها ويقدرها فتضر وتنفع فيكون ضررها ونفعها إذ ذاك دليلا
(١٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الأنعام 5
2 (37 - 55) كلام في المجتمعات الحيوانية. (بحث قرآني) 73
3 (56 - 73) كلام في معنى الحكم وأنه لله وحده (بحث قرآني) 115
4 (56 - 73) كلام في معنى حقيقة فعله وحكمه تعالى (بحث قرآني) 119
5 (76 - 83) قصة إبراهيم عليه السلام وشخصيته في أبحاث. 215
6 (76 - 83) 1 - قصة إبراهيم عليه السلام في القرآن. (بحث قرآني) 215
7 (76 - 83) 2 - منزلته عند الله تبارك وتعالى وموقفه العبودي. (بحث قرآني) 215
8 (76 - 83) 3 - أثره المبارك في المجتمع البشري (بحث علمي) 218
9 (76 - 83) 4 - ما تقصه التوراة فيه. (بحث تاريخي) 219
10 (76 - 83) 5 - تطبيق ما في التوراة من قصته من ما في القرآن. (بحث علمي) 225
11 (76 - 83) 6 - الجواب عما استشكل على القرآن على أمره (بحث علمي) 234
12 (84 - 90) كلام في معنى الكتاب في القرآن. (بحث قرآني) 252
13 (84 - 90) كلام في معنى الحكم في القرآن. (بحث قرآني) 254
14 (84 - 90) في أن الاسلام بعد أولاد البنات أولادا وذرية. (بحث قرآني وروائي) 261
15 (84 - 90) كلام في معنى البركة في القرآن. (بحث قرآني) 280
16 (91 - 105) كلام في عموم الخلقة وانبساطها على كل شئ (بحث قرآني) 292
17 (122 - 127) كلام في معنى الهداية الإلهية. (بحث قرآني) 346