لأكونن من القوم الضالين، فلما أصبح رأى الشمس بازغة قال: هذا ربى هذا أكبر من الزهرة والقمر على الانكار والاستخبار لا على الاخبار والاقرار فلما أفلت قال للأصناف الثلاثة من عبدة الزهرة والقمر والشمس: يا قوم إني برئ مما تشركون إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين.
وإنما أراد إبراهيم بما قال أن يبين لهم بطلان دينهم، ويثبت عندهم أن العبادة لا يحق - لما كان بصفة الزهرة والقمر والشمس، وإنما يحق العبادة لخالقها وخالق السماوات والأرض، وكان ما احتج به على قومه مما ألهمه الله عز وجل وآتاه كما قال عز وجل:
وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه. فقال المأمون: لله درك يا بن رسول الله.
أقول وتأييد الرواية بمضمونها عدة من الأمور التي استفدناها من سياق الآيات الكريمة ظاهر، وسيأتى أيضا بعض ما يؤيدها من الروايات، وأما ما في الرواية من كون قول إبراهيم عليه السلام: (هذا ربى) واقعا على سبيل الانكار والاستخبار دون الاخبار والاقرار فوجه من الوجوه التي تقدمت في تفسير الآيات أورده عليه السلام في قطع حجة المأمون، ولا ينافي صحة غيره من الوجوه لو كان هناك وجه كما سيأتي.
وكذا قوله: (لان الأفول من صفات المحدث) الخ، ليس بظاهر في أن الحجة مأخوذه من الأفول الحادث كما ذكره بعضهم لجواز أن يكون الحجة مأخوذة من عدم الحب وملاكه كون الأفول من صفات المحدث التي لا ينبغي أن يتعلق بها حب فافهم.
وفي كمال الدين: أبى وابن الوليد معا عن سعد عن ابن بريد عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان أبو إبراهيم منجما لنمرود ابن كنعان، وكان نمرود لا يصدر إلا عن رأيه فنظر في النجوم ليلة من الليالي فأصبح فقال: لقد رأيت في ليلتي هذه عجبا فقال له نمرود: ما هو؟ فقال: رأيت مولودا يولد في ارضنا هذه يكون هلاكنا على يديه، ولا يلبث إلا قليلا حتى يحمل به فعجب من ذلك نمرود وقال: هل حمل به النساء؟ فقال: لا، وكان فيما أوتى من العلم أنه سيحرق بالنار، ولم يكن أوتى ان الله سينجيه.
قال: فحجب النساء عن الرجال فلم يترك امرأة إلا جعلت بالمدينة حتى لا يخلص إليهن الرجال، قال: وباشر أبو إبراهيم امرأته فحملت به فظن أنه صاحبه فأرسل إلى