تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٧ - الصفحة ١٩٠
كغيم في الهواء أو حضور قومه للصلوات والقرابين في أول الطلوع فحسب وقد كان يريد أن يواجههم فيما يلقيه إليهم.
وخامسا: أن الآيات كما قيل تدل على أن الهداية من الله سبحانه وأما الاضلال فلم ينسب إليه تعالى في هذه الآيات بل دل قوله: (لئن لم يهدني ربى لأكونن من القوم الضالين) بعض الدلالة على أن من شأن الانسان بحسب ما يقتضيه نقص نفسه أن يتصف بالضلال لو لم يهده ربه، وهو الذي يستفاد من قوله تعالى: (ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منها من أحد أبدا) (والنور: 21) وقوله: (إنك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء) (القصص: 56) إلى غير ذلك من الآيات.
نعم هناك آيات تنسب إليه تعالى الاضلال لكن أمثال قوله: (وما يضل به إلا الفاسقين) (البقرة: 26) تبين أن الضلال المنسوب إليه تعالى هو الاضلال الواقع بحسب المجازاة دون الاضلال الابتدائي، وقد تقدم البحث في تفسير الآية في الجزء الأول من هذا الكتاب.
وسادسا: أنه عليه السلام أخذ في حجته لابطال ربوبية الاجرام الثلاثة أنه لا يحب الافل لأفوله وهو أن يفقده الانسان بعد أن يجده فهو الوصف الذي لا يتعلق به الحب المسوغ للعبادة، وإذ كان ذلك وصفا مطردا في جميع الجسمانيات التي تسير إلى الزوال والفوت والهلاك والبيد كانت الحجة قاطعة على كل شرك ووثنية حتى على ما يظهر من بعض الوثنيين من القول بالوهية أرباب الأنواع والموجودات النورية التي يذعنون بوجودها وأنها فوق المادة والطبيعة متعالية عن الجسمية والحركة فإنهم يصرحون بأنها على ما لها من صفاء الجوهر وشرف الوجود مستهلكة تجاه النور القيومي، مستذلة تحت القهر الاحدى، وإذ كان هذه صفة ما يدعونه فلو توجه تلقاءها حب لم يتعلق إلا بمن يدبر أمرها ويصلح شأنها لا بها.
قوله تعالى: (إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض) إلى آخر الآية.
ذكر الراغب في المفردات: أن أصل الفطر الشق طولا يقال: فطر فلان كذا فطرا وأفطر هو فطورا وانفطر انفطار قال: هل ترى من فطور أي اختلال ووهى فيه، وذلك قد يكون على سبيل الفساد، وقد يكون على سبيل الصلاح قال: السماء منفطر به كان وعده مفعولا.
وفطرت الشاة حلبتها بإصبعين، وفطرت العجين إذا عجنته فخبزته من وقته، ومنه
(١٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الأنعام 5
2 (37 - 55) كلام في المجتمعات الحيوانية. (بحث قرآني) 73
3 (56 - 73) كلام في معنى الحكم وأنه لله وحده (بحث قرآني) 115
4 (56 - 73) كلام في معنى حقيقة فعله وحكمه تعالى (بحث قرآني) 119
5 (76 - 83) قصة إبراهيم عليه السلام وشخصيته في أبحاث. 215
6 (76 - 83) 1 - قصة إبراهيم عليه السلام في القرآن. (بحث قرآني) 215
7 (76 - 83) 2 - منزلته عند الله تبارك وتعالى وموقفه العبودي. (بحث قرآني) 215
8 (76 - 83) 3 - أثره المبارك في المجتمع البشري (بحث علمي) 218
9 (76 - 83) 4 - ما تقصه التوراة فيه. (بحث تاريخي) 219
10 (76 - 83) 5 - تطبيق ما في التوراة من قصته من ما في القرآن. (بحث علمي) 225
11 (76 - 83) 6 - الجواب عما استشكل على القرآن على أمره (بحث علمي) 234
12 (84 - 90) كلام في معنى الكتاب في القرآن. (بحث قرآني) 252
13 (84 - 90) كلام في معنى الحكم في القرآن. (بحث قرآني) 254
14 (84 - 90) في أن الاسلام بعد أولاد البنات أولادا وذرية. (بحث قرآني وروائي) 261
15 (84 - 90) كلام في معنى البركة في القرآن. (بحث قرآني) 280
16 (91 - 105) كلام في عموم الخلقة وانبساطها على كل شئ (بحث قرآني) 292
17 (122 - 127) كلام في معنى الهداية الإلهية. (بحث قرآني) 346