كغيم في الهواء أو حضور قومه للصلوات والقرابين في أول الطلوع فحسب وقد كان يريد أن يواجههم فيما يلقيه إليهم.
وخامسا: أن الآيات كما قيل تدل على أن الهداية من الله سبحانه وأما الاضلال فلم ينسب إليه تعالى في هذه الآيات بل دل قوله: (لئن لم يهدني ربى لأكونن من القوم الضالين) بعض الدلالة على أن من شأن الانسان بحسب ما يقتضيه نقص نفسه أن يتصف بالضلال لو لم يهده ربه، وهو الذي يستفاد من قوله تعالى: (ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منها من أحد أبدا) (والنور: 21) وقوله: (إنك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء) (القصص: 56) إلى غير ذلك من الآيات.
نعم هناك آيات تنسب إليه تعالى الاضلال لكن أمثال قوله: (وما يضل به إلا الفاسقين) (البقرة: 26) تبين أن الضلال المنسوب إليه تعالى هو الاضلال الواقع بحسب المجازاة دون الاضلال الابتدائي، وقد تقدم البحث في تفسير الآية في الجزء الأول من هذا الكتاب.
وسادسا: أنه عليه السلام أخذ في حجته لابطال ربوبية الاجرام الثلاثة أنه لا يحب الافل لأفوله وهو أن يفقده الانسان بعد أن يجده فهو الوصف الذي لا يتعلق به الحب المسوغ للعبادة، وإذ كان ذلك وصفا مطردا في جميع الجسمانيات التي تسير إلى الزوال والفوت والهلاك والبيد كانت الحجة قاطعة على كل شرك ووثنية حتى على ما يظهر من بعض الوثنيين من القول بالوهية أرباب الأنواع والموجودات النورية التي يذعنون بوجودها وأنها فوق المادة والطبيعة متعالية عن الجسمية والحركة فإنهم يصرحون بأنها على ما لها من صفاء الجوهر وشرف الوجود مستهلكة تجاه النور القيومي، مستذلة تحت القهر الاحدى، وإذ كان هذه صفة ما يدعونه فلو توجه تلقاءها حب لم يتعلق إلا بمن يدبر أمرها ويصلح شأنها لا بها.
قوله تعالى: (إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض) إلى آخر الآية.
ذكر الراغب في المفردات: أن أصل الفطر الشق طولا يقال: فطر فلان كذا فطرا وأفطر هو فطورا وانفطر انفطار قال: هل ترى من فطور أي اختلال ووهى فيه، وذلك قد يكون على سبيل الفساد، وقد يكون على سبيل الصلاح قال: السماء منفطر به كان وعده مفعولا.
وفطرت الشاة حلبتها بإصبعين، وفطرت العجين إذا عجنته فخبزته من وقته، ومنه