تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٧ - الصفحة ١٩١
الفطرة، وفطر الله الخلق وهو إيجاده الشئ وإبداعه على هيئة مترشحة لفعل من الافعال فقوله: فطرة الله التي فطر الناس عليها إشارة منه تعالى إلى ما فطر أي أبدع وركز في الناس من معرفته تعالى، وفطرة الله هي ما ركز فيه من قوته على معرفة الايمان وهو المشار إليه بقوله: ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله، انتهى. وذكر أيضا: أن الحنف هو ميل عن الضلال إلى الاستقامة والجنف ميل عن الاستقامة إلى الضلال قال: وسمت العرب كل من حج أو اختتن حنيفا تنبيها على أنه على دين إبراهيم عليه السلام والاحنف من في رجله ميل، قيل: سمى بذلك على التفاؤل وقيل: بل استعير للميل المجرد، انتهى.
لما تبرأ عليه السلام من شركهم وشركائهم بقوله: (يا قوم إني برئ) الخ، وقد سلك إليه تدريجا بإظهار عدم تعلق قلبه بالشريك حيث قال: (لا أحب الآفلين) ثم الايماء إلى كون عبادة الشريك ضلالا حيث قال: (لئن لم يهدني ربى لأكونن من القوم الضالين) ثم التبري الصريح من ذلك بقوله: (يا قوم إني برئ مما تشركون) رجع إلى توحيده التام في الربوبية، وهو إثبات الربوبية والمعبودية للذي فطر السماوات والأرض، ونفى الشرك عن نفسه فقال: (إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا).
فتوجيه الوجه كناية عن الاقبال إلى الله سبحانه بالعبادة فإن لازم العبودية والمربوبية أن يتعلق العبد المربوب بربه في قوته وإرادته، ويدعوه ويرجع إليه في جمع أعماله، ولا يكون دعاء ولا رجوع إلا بتوجيه الوجه والاقبال إليه فكنى بتوجيه الوجه عن العبادة التي هي دعاء ورجوع وذكر ربه وهو الله سبحانه الذي وجه وجهه إليه، بنعته الذي يخصه بلا نزاع فيه وهو فطر السماوات والأرض، وجاء بالموصول والصلة ليدل على العهد فلا يشتبه الامر على أحد منهم فقال: للذي فطر السماوات والأرض أي إني أقبلت بعبادتي على من ينتهى إليه إيجاد كل شئ وإبداعه، وهو الذي يثبته ويثبتونه فوق الجميع.
ثم نفى غيره مما يدعونه شريكا بقوله: (حنيفا) أي مائلا إليه عن غيره نافيا للشريك عنه، وأكده بقوله: (وما أنا من المشركين) فأفاد مجموع قوله: (وإني وجهت) الخ، إثبات المعبودية لله تعالى ونفى الشريك عنه قريبا مما تفيده الكلمة الطيبة: لا إله الا الله.
(١٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الأنعام 5
2 (37 - 55) كلام في المجتمعات الحيوانية. (بحث قرآني) 73
3 (56 - 73) كلام في معنى الحكم وأنه لله وحده (بحث قرآني) 115
4 (56 - 73) كلام في معنى حقيقة فعله وحكمه تعالى (بحث قرآني) 119
5 (76 - 83) قصة إبراهيم عليه السلام وشخصيته في أبحاث. 215
6 (76 - 83) 1 - قصة إبراهيم عليه السلام في القرآن. (بحث قرآني) 215
7 (76 - 83) 2 - منزلته عند الله تبارك وتعالى وموقفه العبودي. (بحث قرآني) 215
8 (76 - 83) 3 - أثره المبارك في المجتمع البشري (بحث علمي) 218
9 (76 - 83) 4 - ما تقصه التوراة فيه. (بحث تاريخي) 219
10 (76 - 83) 5 - تطبيق ما في التوراة من قصته من ما في القرآن. (بحث علمي) 225
11 (76 - 83) 6 - الجواب عما استشكل على القرآن على أمره (بحث علمي) 234
12 (84 - 90) كلام في معنى الكتاب في القرآن. (بحث قرآني) 252
13 (84 - 90) كلام في معنى الحكم في القرآن. (بحث قرآني) 254
14 (84 - 90) في أن الاسلام بعد أولاد البنات أولادا وذرية. (بحث قرآني وروائي) 261
15 (84 - 90) كلام في معنى البركة في القرآن. (بحث قرآني) 280
16 (91 - 105) كلام في عموم الخلقة وانبساطها على كل شئ (بحث قرآني) 292
17 (122 - 127) كلام في معنى الهداية الإلهية. (بحث قرآني) 346