تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٧ - الصفحة ٢٠٠
هي خبر لقوله: (الذين آمنوا) الخ، والمجموع جملة اسمية، وكذلك ما عطف على قوله:
(لهم الامن) من قوله: (وهم مهتدون) فينتج أنه لا شك في اختصاص الذين آمنوا ولم يستروا إيمانهم بظلم بالأمن والاهتداء ولا ريب.
ولا ريب ان الآية تدل على أن خاصة الامن والاهتداء من آثار الايمان مشروطا بان لا يلبس بظلم، واللبس الستر كما ذكر الراغب في المفردات: أصل اللبس - بفتح اللام - الستر، فهو استعارة قصد فيها الإشارة إلى أن هذا الظلم لا يبطل أصل الايمان فإنه فطرى لا يقبل البطلان من رأس، وانما يغطى عليه ويفسد أثره ولا يدعه يؤثر أثره الصحيح.
والظلم وهو الخروج عن وسط العدل وإن كان في الآية نكرة واقعة في سياق النفي ولازمه العموم وعدم اقتران الايمان بشئ مما يصدق عليه الظلم على الاطلاق لكن السياق حيث دل على كون الظلم مانعا من ظهور الايمان وبروزه بآثاره الحسنة المطلوبة كان ذلك قرينة على أن المراد بالظلم هو نوع الظلم الذي يؤثر أثرا سيئا في الايمان دون الظلم الذي لا اثر له فيه.
وذلك أن الظلم وان كان المظنون ان أول ما انتقل إليه الناس من معناه هو الظلم الاجتماعي وهو التعدي إلى حق اجتماعي بسلب الامن من نفس أحد من أفراد المجتمع أو عرضه أو ماله من غير حق مسوغ لكن الناس توسعوا بعد ذلك فسموا كل مخالفة لقانون أو سنة جارية ظلما بل كل ذنب ومعصية لخطاب مولوى ظلما من المذنب بالنسبة إلى نفسه بل المعصية لله سبحانه لما له من حق الطاعة المشروع بل مخالفة التكليف ظلما وإن كان عن سهو أو نسيان أو جهل وإن لم يبنوا على مؤاخذة هذا المخالف وعقابه على ما أتى به بل يعدون من خالف النصيحة والامر الارشادي ولو اشتبه عليه الامر وأخطأ في مخالفته من غير تعمد ظالما لنفسه حتى أن من سامح في مراعاة الدساتير الصحية الطبية أو خالف شيئا من العوامل المؤثرة في صحة مزاجه ولو من غير عمد عد ظالما لنفسه وإن كان ظلما من غير شعور، والملاك في جميع ذلك التوسع في معنى الظلم من جهة تحليله.
وبالجملة للظلم عرض عريض - كما عرفت - لكن ما كل فرد من أفراده بمؤثر أثرا سيئا في الايمان فإن أصنافه التي لا تتضمن ذنبا ومعصية ولا مخالفة مولوية كما إذا كان صدوره عن سهو أو نسيان أو جهل أو لم يشعر بوقوعه مثلا فتلك كلها مما لا يؤثر في
(٢٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الأنعام 5
2 (37 - 55) كلام في المجتمعات الحيوانية. (بحث قرآني) 73
3 (56 - 73) كلام في معنى الحكم وأنه لله وحده (بحث قرآني) 115
4 (56 - 73) كلام في معنى حقيقة فعله وحكمه تعالى (بحث قرآني) 119
5 (76 - 83) قصة إبراهيم عليه السلام وشخصيته في أبحاث. 215
6 (76 - 83) 1 - قصة إبراهيم عليه السلام في القرآن. (بحث قرآني) 215
7 (76 - 83) 2 - منزلته عند الله تبارك وتعالى وموقفه العبودي. (بحث قرآني) 215
8 (76 - 83) 3 - أثره المبارك في المجتمع البشري (بحث علمي) 218
9 (76 - 83) 4 - ما تقصه التوراة فيه. (بحث تاريخي) 219
10 (76 - 83) 5 - تطبيق ما في التوراة من قصته من ما في القرآن. (بحث علمي) 225
11 (76 - 83) 6 - الجواب عما استشكل على القرآن على أمره (بحث علمي) 234
12 (84 - 90) كلام في معنى الكتاب في القرآن. (بحث قرآني) 252
13 (84 - 90) كلام في معنى الحكم في القرآن. (بحث قرآني) 254
14 (84 - 90) في أن الاسلام بعد أولاد البنات أولادا وذرية. (بحث قرآني وروائي) 261
15 (84 - 90) كلام في معنى البركة في القرآن. (بحث قرآني) 280
16 (91 - 105) كلام في عموم الخلقة وانبساطها على كل شئ (بحث قرآني) 292
17 (122 - 127) كلام في معنى الهداية الإلهية. (بحث قرآني) 346