هي خبر لقوله: (الذين آمنوا) الخ، والمجموع جملة اسمية، وكذلك ما عطف على قوله:
(لهم الامن) من قوله: (وهم مهتدون) فينتج أنه لا شك في اختصاص الذين آمنوا ولم يستروا إيمانهم بظلم بالأمن والاهتداء ولا ريب.
ولا ريب ان الآية تدل على أن خاصة الامن والاهتداء من آثار الايمان مشروطا بان لا يلبس بظلم، واللبس الستر كما ذكر الراغب في المفردات: أصل اللبس - بفتح اللام - الستر، فهو استعارة قصد فيها الإشارة إلى أن هذا الظلم لا يبطل أصل الايمان فإنه فطرى لا يقبل البطلان من رأس، وانما يغطى عليه ويفسد أثره ولا يدعه يؤثر أثره الصحيح.
والظلم وهو الخروج عن وسط العدل وإن كان في الآية نكرة واقعة في سياق النفي ولازمه العموم وعدم اقتران الايمان بشئ مما يصدق عليه الظلم على الاطلاق لكن السياق حيث دل على كون الظلم مانعا من ظهور الايمان وبروزه بآثاره الحسنة المطلوبة كان ذلك قرينة على أن المراد بالظلم هو نوع الظلم الذي يؤثر أثرا سيئا في الايمان دون الظلم الذي لا اثر له فيه.
وذلك أن الظلم وان كان المظنون ان أول ما انتقل إليه الناس من معناه هو الظلم الاجتماعي وهو التعدي إلى حق اجتماعي بسلب الامن من نفس أحد من أفراد المجتمع أو عرضه أو ماله من غير حق مسوغ لكن الناس توسعوا بعد ذلك فسموا كل مخالفة لقانون أو سنة جارية ظلما بل كل ذنب ومعصية لخطاب مولوى ظلما من المذنب بالنسبة إلى نفسه بل المعصية لله سبحانه لما له من حق الطاعة المشروع بل مخالفة التكليف ظلما وإن كان عن سهو أو نسيان أو جهل وإن لم يبنوا على مؤاخذة هذا المخالف وعقابه على ما أتى به بل يعدون من خالف النصيحة والامر الارشادي ولو اشتبه عليه الامر وأخطأ في مخالفته من غير تعمد ظالما لنفسه حتى أن من سامح في مراعاة الدساتير الصحية الطبية أو خالف شيئا من العوامل المؤثرة في صحة مزاجه ولو من غير عمد عد ظالما لنفسه وإن كان ظلما من غير شعور، والملاك في جميع ذلك التوسع في معنى الظلم من جهة تحليله.
وبالجملة للظلم عرض عريض - كما عرفت - لكن ما كل فرد من أفراده بمؤثر أثرا سيئا في الايمان فإن أصنافه التي لا تتضمن ذنبا ومعصية ولا مخالفة مولوية كما إذا كان صدوره عن سهو أو نسيان أو جهل أو لم يشعر بوقوعه مثلا فتلك كلها مما لا يؤثر في