على حدوثها وعلى توحيد الله سبحانه، وبعبارة أخرى: المعنى أنى لا أخافها في حال من الحالات إلا أن يشاء ربى ان تحيا هؤلاء الشركاء فتضر وتنفع فأخافها وإذ ذاك كانت الربوبية لله وتبين حدوث شركائكم.
وهذا الوجه وإن كان قريبا مما قدمناه بوجه لكن نسبة النفع والضر إلى الشركاء لو كانت أحياء - مع أن بعضها احياء عندهم كالملائكة وأرباب الأنواع وبعضها يضر وينفع بحسب ظاهر النسبة كالشمس - تخالف التعليم الإلهي في كتابه فإن القرآن يصرح أن لا يملك نفعا ولا ضررا إلا الله سبحانه.
وكذلك ما ذكر من دلالة ذلك على حدوث شركائهم أمر لا يضر أهل الأوثان فإنهم كما عرفت لا ينكرون كون الأصنام ولا أربابها معلولة لله مخلوقة له، والقول بالقدم الزماني في بعضها لا ينافي إمكانها ولا معلوليتها عندهم.
وقيل: إن معنى الاستثناء انى لا أخاف شركاءكم واستثنى من عموم الخوف في الأوقات أن يشاء ربى ان يعذبني ببعض ذنوبي أو يصيبني بمكروه ابتداء، وبعبارة أخرى الجملة استثناء من معنى أعم مما يدل عليه الجملة السابقة فقد دل قوله: (ولا أخاف) الخ، على نفى الخوف من شركائهم، وقوله: (إلا ان يشاء) الخ، استثناء من كل خوف فالتقدير:
لا أخاف ما تشركون به ولا شيئا آخر إلا من أن يشاء ربى شيئا أكرهه ابتداء أو جزاء فإني أخافه، ووجه التعسف في هذا المعنى لا يحتاج إلى بيان.
وأما قوله: (وسع ربى كل شئ علما) فقد قيل. إنه ثناء منه عليه السلام لربه بعد إتمام الحجة.
وقيل: إنه تعريض بأصنامهم حيث إنها لا تعلم شيئا ولا تشعر، ويرد عليه أن التعريض بمثل القدرة أقرب إلى اقتضاء المقام من التعريض بالعلم فما وجه العدول عن القدرة إلى؟ العلم والاشكال جار في الوجه السابق.
وقيل: إنه لما استثنى ما يشاؤه ربه مما يقع عليه من المكاره بين بقوله: (وسع ربى كل شئ علما) أنه تعالى علام الغيوب فلا يفعل إلا الصلاح والخير والحكمة. وفيه أن الأنسب حينئذ أن يذكر الحكمة مكان العلم ولا أقل من أن يذكر الحكمة مع العلم كما في أغلب الموارد.