وقيل: إنه كالتعليل للاستثناء بجواز أن يكون قد سبق في علمه تعالى إصابته بسوء تكون سببه الأصنام كأن يشاء أن يسقط صنم عليه فيشجه أو تؤثر فيه حرارة الشمس فتمرضه أو تقتله، وفيه أن التمسك بالقدرة أو الحكمة أنسب للتعليل من العلم.
وقيل: معناه أن علم ربى وسع كل شئ وأحاط به ومشيئته مرتبطة بعلمه المحيط القديم وقدرته منفذة لمشيئته فلا يمكن ان يكون لشئ من المخلوقات التي تعبدونها ولا لغيرها تأثير ما في صفاته، ولا في أفعاله الصادرة عنها لا بشفاعة ولا غيرها وإنما يكون ذلك لو كان علم الله تعالى غير محيط بكل شئ فيعلمه الشفعاء والوسطاء من وجوه مرجحات الفعل أو الترك بالشفاعة أو غيرها ما لم يكن يعلم فيكون ذلك هو الحامل له على الضر أو النفع أو العطاء أو المنع.
قال هذا القائل: أخذنا هذا المعنى لهذه الجملة من حجج الله تعالى على نفى الشفاعة الشركية بمثل قوله: (من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشئ من علمه إلا بما شاء). قال: وهذا أرجح الوجوه، وهو من قبيل تفسير القرآن بالقرآن، انتهى ملخصا.
ومحصله ان قوله: (وسع ربى كل شئ علما) بيان وتعليل لعموم نفى الخوف من الالهة وغيرها كأنه قال: لا أخاف ضر شئ من آلهتكم وغيرها من المخلوقات فإن ربى يعلم كل شئ فيتمه بمشيئته وينفذه بقدرته فلا يحتاج إلى شفيع يعلمه ما جهل حتى يكون لها تأثير في أفعاله تعالى وشفاعة.
وأنت تعلم أن نفى هذا التأثير كما يحتاج إلى سعة علمه تعالى كذلك يحتاج إلى إطلاق القدرة والمشيئة - والمشيئة مع ذلك صفة فعل لا ذات كما يفرضه القائل - فما ذا تنفع سعة العلم لو لم يكن لقدرته ومشيئته إطلاق، والشاهد عليه نفس كلامه الذي قرر فيه الوجه بالعلم والمشيئة والقدرة جميعا.
وبالجملة هذا الوجه لا يتم بسعة العلم وحدها وإنما يتم بها وباطلاق القدرة والمشيئة، وقد ذكرت في الآية سعة العلم وحدها.
وأما ما ذكره من دلالة آيات الشفاعة على ذلك فالآيات المذكورة مسوقة لاثبات الشفاعة بمعنى التوسط في السببية بإذن من الله سبحانه لا أنها تنفيها كما خيل إليه فزعم إنه