تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٧ - الصفحة ١٩٤
الاستدلال وتقريره: أن الله هداني بما علمني من الحجة على نفى ربوبية غيره وإثبات ربوبيته، ونفس هدايته دليل على أنه رب ولا رب غيره فإن الهداية إلى الرب من جملة التدبير فهى شأن من هو رب، ولو لم يكن الله سبحانه هو ربى لم يكن ليهديني ولا قام بها إلى الذي هو الرب لكن الله هو هداني فهو ربى.
ولم يكن لهم أن يقولوا: إن الذي علمك ما علمت وألهمك الحجة هو بعض آلهتنا لان الشئ لا يهدى إلى ما يضره ويميت ذكره ويفسد أمره فاهتداؤه عليه السلام إلى نفى ربوبيتها لا يصح أن ينسب إليها، هذا.
ولكن كان لهم أن يقولوا أو أنهم قالوا: إن ذلك من فعل بعض آلهتنا فعل بك ذلك قهرا وسخطا أبعدك عن القول بربوبيتها ولقنك هذه الحجج لما وجد من فساد رأيك وعلة نفسك نظير ما شافهت به عاد هودا عليه السلام لما دعاهم إلى توحيد الله سبحانه واحتج عليهم بأن الله هو الذي يجب أن يرجى ويخاف، وأن آلهتهم لا تنفع ولا تضر فردوا عليه بأن بعض آلهتنا اعتراك بسوء قال تعالى في قصتهم حكاية عن هود عليه السلام: (ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين، قالوا يا هود - إلى أن قال - إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء قال إني أشهد الله وأشهدوا إني برئ مما تشركون، من دونه فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون - (هود: 55).
فقوله عليه السلام: (ولا أخاف ما تشركون به) الخ، ينفى هذه الشبهة وكما أنه ينفى هذه الشبهة فإنه حجة تامة تنفى ربوبية شركائهم.
ومحصله: أنكم تدعونني إلى القول بربوبية شركائكم ورفض القول بربوبية ربى بما تخافونني من أن تمسني شركاؤكم بسوء، وترهبونني بإلقاء الشبهة فيما اهتديت به، وإني لا أخاف ما تشركون به لأنها جميعا مخلوقات مدبرة لا تملك نفعا ولا ضرا وإذ لم أخفها سقطت حجتكم وارتفعت شبهتكم.
ولو كنت خفتها لم يكن الخوف الحاصل في نفسي من صنع شركائكم لأنها لا تقدر على شئ بل كان من صنع ربى وكان هو الذي شاء ان أخاف شركاءكم فخفتها فكان هذا الخوف دليلا آخر على ربوبيته وآية أخرى من آيات توحيده يوجب إخلاص العبادة له
(١٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الأنعام 5
2 (37 - 55) كلام في المجتمعات الحيوانية. (بحث قرآني) 73
3 (56 - 73) كلام في معنى الحكم وأنه لله وحده (بحث قرآني) 115
4 (56 - 73) كلام في معنى حقيقة فعله وحكمه تعالى (بحث قرآني) 119
5 (76 - 83) قصة إبراهيم عليه السلام وشخصيته في أبحاث. 215
6 (76 - 83) 1 - قصة إبراهيم عليه السلام في القرآن. (بحث قرآني) 215
7 (76 - 83) 2 - منزلته عند الله تبارك وتعالى وموقفه العبودي. (بحث قرآني) 215
8 (76 - 83) 3 - أثره المبارك في المجتمع البشري (بحث علمي) 218
9 (76 - 83) 4 - ما تقصه التوراة فيه. (بحث تاريخي) 219
10 (76 - 83) 5 - تطبيق ما في التوراة من قصته من ما في القرآن. (بحث علمي) 225
11 (76 - 83) 6 - الجواب عما استشكل على القرآن على أمره (بحث علمي) 234
12 (84 - 90) كلام في معنى الكتاب في القرآن. (بحث قرآني) 252
13 (84 - 90) كلام في معنى الحكم في القرآن. (بحث قرآني) 254
14 (84 - 90) في أن الاسلام بعد أولاد البنات أولادا وذرية. (بحث قرآني وروائي) 261
15 (84 - 90) كلام في معنى البركة في القرآن. (بحث قرآني) 280
16 (91 - 105) كلام في عموم الخلقة وانبساطها على كل شئ (بحث قرآني) 292
17 (122 - 127) كلام في معنى الهداية الإلهية. (بحث قرآني) 346