من موضوع خرافي يدعى أنه ربما ينفع ويضر، ولنا ان نبدل قولنا ذلك لو أردنا التكلم بلسان التوحيد بقولنا: ما أنزل الله على ذلك دليلا، والكلام بحسب التحليل المنطقي يؤول إلى قياس استثنائي استثنى فيها نقيض المقدم في الشرطية لانتاج نقيض التالي نحوا من قولنا:
لو كان الله نزل بها عليكم سلطانا يدل على قدرتهم على الضر لكان اتخاذكم الشركاء خوفا منها في محله لكنه لم ينزل سلطانا فليس اتخاذكم الشركاء في محله، ومن المعلوم أن لا مفهوم في هذا القياس فلا حاجة إلى القول بأن التقييد بقوله: (لم ينزل به عليكم سلطانا) للتهكم، أو للإشارة إلى أن هذا وصف لازم لشركائهم على حد قوله تعالى: (ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به (المؤمنون: 117) إلى غير ذلك من التحملات.
والباء في قوله: (لم ينزل به) للمعية أو السببية وقد كنى عليه السلام عنهم وعن نفسه بالفريقين ولم يقل: أنا وأنتم أو ما يشابه ذلك ليكون أبعد من تحريك الحمية وتهييج العصبية كما قيل، وليدل على تفرقهما وشقاق بينهما من جهة الاختلاف في أصل الأصول وأم المعارف الحقيقية بحيث لا يأتلفان بعد ذلك في شئ.
قوله تعالى: (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الامن وهم مهتدون) سألهم في الآية السابقة في ضمن ما أقامه من الحجة عمن هو أحق بالأمن حيث قال: (فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون) ثم أجابهم عما سألهم لكون الجواب واضحا لا يختلف فيه الفريقان المتخاصمان والجواب الذي هذا شأنه لا باس بأن يبادر السائل إلى إيراده من غير أن ينتظر المسؤول فإن المسؤول لا يخالف السائل في ذلك حتى يخاف منه الرد، وقد حكى الله تعالى اعترافهم بذلك في قصة كسر الأصنام: (قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم ان كانوا ينطقون، فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا انكم أنتم الظالمون، ثم نكسوا على رؤوسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون) (الأنبياء: 65).
هذا ما يقتضيه سياق الكلام ان تكون الآية من كلام إبراهيم عليه السلام ومقولة لقوله، وأما كونها من كلام قومه وجوابا محكيا عنهم وكذا كونها من الله سبحانه من باب القضاء بين الطرفين المتخاصمين فمما لا يساعد عليه السياق البتة.
وكيف كان فالكلام متضمن تأكيدا قويا من جهة اسنادات متعددة في جمل اسمية وهى ما في قوله: (لهم الامن) جملة اسمية هي خبر لقوله: (أولئك) والمجموع جملة اسمية