تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٧ - الصفحة ١٨٠
الخارجة والمجتمع البشرى فرأى جرما هو كوكب وجرما هو القمر وجرما هو الشمس، وكلما شاهد واحدا منها - ولم يكن يشاهد إلا جرما مضيئا لامعا - قال: هذا ربى، على سبيل عدم المعرفة بحاله معرفة تامة كما سمعت.
ويؤيده بعض التأييد قوله: (فلما أفل قال لا أحب الآفلين) فإن فيه إشعارا بأنه عليه السلام مكث بانيا على كون الكوكب ربا حتى شاهد غروبه فحكم بأن الفرض باطل وأنه ليس برب، ولو كان عالما بأنه سيغرب أبطل ربوبيته مقارنا لفرض ربوبيته كما فعل ذلك في أمر الأصنام على ما يدل عليه قوله لأبيه: (أتتخذ أصناما آلهة إني أراك وقومك في ضلال مبين) وقوله أيضا: (يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغنى عنك شيئا).
وإن أمكن أن يقال: إنه أراد بتأخير قوله: (لا أحب الآفلين) إلى أن يافل أن يحاجهم بما وقع عليه الحس كما أراد بما فعل بالأصنام حيث جعلهم جذاذا إلا كبيرا لهم أن يريهم عجز الأصنام وكونها أجسادا ميتة لا تدفع عن أنفسها الضر والشر.
وللمفسرين في تذكير الإشارة في قوله: (هذا ربى هذا أكبر) مسالك من التوجيه مختلفة:
فمنهم من قال: تذكير الإشارة إنما هو بتأويل المشار إليه أو الجرم النير السماوي أي هذا المشار إليه أو هذا الجرم النير ربى وهو أكبر.
وفيه أنه لا ريب في صحة الاستعمال بهذا التأويل لكن الشأن في النكتة التي تصحح هذا التأويل، ولا يجوز ذلك من غير نكتة مسوغة، ولو جاز ذلك في اللغة من غير اعتماد على نكته لجاز تذكير كل مؤنث قياسي وسماعي في إرجاع الضمير والإشارة إليه بتأويل الشخص ونحوه وفي ذلك نسخ اللغة قطعا.
ومنهم من قال: إنه من قبيل اتباع المبتدء للخبر في تذكيره فإن الرب وأكبر مذكران فاتبع اسم الإشارة للخبر المذكر كما عكس في قوله تعالى: (ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا) الآية فاتبع المذكر للمؤنث.
وفيه أنهم كانوا يرون من الالهة إناثا كما يثبتون ذكورا ويسمون الأنثى من الالهة إلهة وربة وبنت الله وزوجة الرب فكان من الواجب أن يطلق على الشمس ربة لمكان التأنيث، وأن يقال: هذه ربتي أو إلهتي، فالكلام في تذكير الخبر في قوله: (هذا ربى) كالكلام في تذكير المبتدء ولا معنى حينئذ لحديث الاتباع.
(١٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الأنعام 5
2 (37 - 55) كلام في المجتمعات الحيوانية. (بحث قرآني) 73
3 (56 - 73) كلام في معنى الحكم وأنه لله وحده (بحث قرآني) 115
4 (56 - 73) كلام في معنى حقيقة فعله وحكمه تعالى (بحث قرآني) 119
5 (76 - 83) قصة إبراهيم عليه السلام وشخصيته في أبحاث. 215
6 (76 - 83) 1 - قصة إبراهيم عليه السلام في القرآن. (بحث قرآني) 215
7 (76 - 83) 2 - منزلته عند الله تبارك وتعالى وموقفه العبودي. (بحث قرآني) 215
8 (76 - 83) 3 - أثره المبارك في المجتمع البشري (بحث علمي) 218
9 (76 - 83) 4 - ما تقصه التوراة فيه. (بحث تاريخي) 219
10 (76 - 83) 5 - تطبيق ما في التوراة من قصته من ما في القرآن. (بحث علمي) 225
11 (76 - 83) 6 - الجواب عما استشكل على القرآن على أمره (بحث علمي) 234
12 (84 - 90) كلام في معنى الكتاب في القرآن. (بحث قرآني) 252
13 (84 - 90) كلام في معنى الحكم في القرآن. (بحث قرآني) 254
14 (84 - 90) في أن الاسلام بعد أولاد البنات أولادا وذرية. (بحث قرآني وروائي) 261
15 (84 - 90) كلام في معنى البركة في القرآن. (بحث قرآني) 280
16 (91 - 105) كلام في عموم الخلقة وانبساطها على كل شئ (بحث قرآني) 292
17 (122 - 127) كلام في معنى الهداية الإلهية. (بحث قرآني) 346