تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٧ - الصفحة ١٧٥
العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سويا) إلى آخر الآيات (مريم: 43) على أن الوثنيين والصابئين لا يثبتون لله سبحانه شريكا في الايجاد يكافئ بوجوده وجوده تعالى بل إنما يثبتون الشريك بمعنى بعض من هو مخلوق لله مصنوع له ولا أقل مفتقر الوجود إليه فوض إليه بعد تدبير الخليقة كإلهة الحسن وإله العدل وإله الخصب أو تدبير بعض الخليقة كاله الانسان أو إله القبيلة أو إله يخص بعض الملوك والاشراف وقد دلت على ذلك آثارهم المستخرجة وأخبارهم المروية، والموجودون منهم اليوم على هذه الطريقة فقوله عليه السلام بالإشارة إلى الكوكب: (هذا ربى) أراد به إثبات أنه رب يدبر الامر لا إله فاطر مبدع.
وعليه يدل ما حكى عنه في آخر الآيات المبحوث عنها: (قال يا قوم إني برئ مما تشركون، إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين) فإن ظاهره أنه ينصرف عن فرض الشريك إلى إثبات أن لا شريك له لا أنه يثبت وجوده تعالى.
فالذي يعطيه ظاهر الآيات أنه عليه السلام سلم أن لجميع الأشياء إلها فاطرا واحدا لا شريك له في الفطر والايجاد وهو الله تعالى، وأن للانسان ربا يدبر أمره لا محالة، وإنما يبحث عن أن هذا الرب المدبر للامر أهو الله سبحانه وإليه يرجع التدبير كما إليه يرجع الايجاد أم أنه بعض خلقه أخذه شريكا لنفسه وفوض إليه أمر التدبير.
وفي إثر ذلك ما كان منه عليه السلام من افتراض الكوكب الذي كانوا يعبدونه ثم القمر ثم الشمس والنظر في أمر كل منها هل يصلح لان يتولى أمر التدبير وإدارة شؤون الناس؟.
وهذا الافتراض والنظر وإن كان بحسب طبعه قبل العلم اليقيني بالنتيجة فإن النتيجة فرع يتأخر طبعا عن الحجة النظرية لكنه لا يضر به عليه السلام فإن الآيات كما استفدناه فيما تقديم تقص أول أمر إبراهيم والانسان في أول زمن يأخذ بالتمييز ويصلح لتعلق التكليف الإلهي بالنظر في أمر التوحيد وسائر المعارف الأصلية كاللوح الخالي عن النقش والكتابة غير مشغول بنقش مخالف فإذا أخذ في الطلب وشرع يثبت شيئا وينفى شيئا لغاية الحصول على الاعتقاد الحق والايمان الصحيح فهو بعد في سبيل الحق لا بأس عليه في زمن يمر عليه بين الانتزاع من قصور التمييز وبين الاعتصام بالمعرفة الكاملة
(١٧٥)
مفاتيح البحث: الشراكة، المشاركة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الأنعام 5
2 (37 - 55) كلام في المجتمعات الحيوانية. (بحث قرآني) 73
3 (56 - 73) كلام في معنى الحكم وأنه لله وحده (بحث قرآني) 115
4 (56 - 73) كلام في معنى حقيقة فعله وحكمه تعالى (بحث قرآني) 119
5 (76 - 83) قصة إبراهيم عليه السلام وشخصيته في أبحاث. 215
6 (76 - 83) 1 - قصة إبراهيم عليه السلام في القرآن. (بحث قرآني) 215
7 (76 - 83) 2 - منزلته عند الله تبارك وتعالى وموقفه العبودي. (بحث قرآني) 215
8 (76 - 83) 3 - أثره المبارك في المجتمع البشري (بحث علمي) 218
9 (76 - 83) 4 - ما تقصه التوراة فيه. (بحث تاريخي) 219
10 (76 - 83) 5 - تطبيق ما في التوراة من قصته من ما في القرآن. (بحث علمي) 225
11 (76 - 83) 6 - الجواب عما استشكل على القرآن على أمره (بحث علمي) 234
12 (84 - 90) كلام في معنى الكتاب في القرآن. (بحث قرآني) 252
13 (84 - 90) كلام في معنى الحكم في القرآن. (بحث قرآني) 254
14 (84 - 90) في أن الاسلام بعد أولاد البنات أولادا وذرية. (بحث قرآني وروائي) 261
15 (84 - 90) كلام في معنى البركة في القرآن. (بحث قرآني) 280
16 (91 - 105) كلام في عموم الخلقة وانبساطها على كل شئ (بحث قرآني) 292
17 (122 - 127) كلام في معنى الهداية الإلهية. (بحث قرآني) 346