تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٥ - الصفحة ٣٤١
القشر الذي يستأصل قال تعالى: " فيسحتكم بعذاب " وقرئ: فيسحتكم (أي بفتح الياء) يقال: سحته وأسحته ومنه السحت للمحظور الذي يلزم صاحبه العار كأنه يسحت دينه ومروءته، قال تعالى: " أكالون للسحت " أي لما يسحت دينهم، وقال عليه السلام كل لحم نبت من سحت فالنار أولى به، وسمى الرشوة سحتا. انتهى.
فكل مال اكتسب من حرام فهو سحت، والسياق يدل على أن المراد بالسحت في الآية هو الرشا ويتبين من إيراد هذا الوصف في المقام أن علماءهم الذين بعثوا طائفة منهم إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم كانوا قد أخذوا في الواقعة رشوة لتحريف حكم الله فقد كان الحكم مما يمكن أن يتضرر به بعضه فسد الباب بالرشوة، فأخذوا الرشوة وغيروا حكم الله تعالى.
ومن هنا يظهر أن قوله تعالى: " سماعون للكذب أكالون للسحت " باعتبار المجموع وصف لمجموع القوم، وأما بحسب التوزيع فقوله: " سماعون للكذب " وصف لقوله:
" الذين هادوا وهم المبعوثون إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومن في حكمهم من التابعين، وقوله:
" أكالون للسحت " وصف لقوم آخرين، والمحصل أن اليهود منهم علماء يأكلون الرشى، وعامة مقلدون سماعون لأكاذيبهم.
قوله تعالى: " فإن جاؤوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم " (إلى آخر الآية) تخيير للنبي صلى الله عليه وآله وسلم بين أن يحكم بينهم إذا حكموه أو يعرض عنهم، ومن المعلوم أن اختيار أحد الامرين لم يكن يصدر منه صلى الله عليه وآله وسلم إلا لمصلحة داعية فيؤول إلى إرجاع الامر إلى نظر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ورأيه.
ثم قرر تعالى هذا التخيير بأنه ليس عليه صلى الله عليه وآله وسلم ضرر لو ترك الحكم فيهم وأعرض عنهم وبين له أنه لو حكم بينهم فليس له أن يحكم إلا بالقسط والعدل.
فيعود المضمون بالآخرة إلى أن الله سبحانه لا يرضى أن يجرى بينهم إلا حكمه فإما أن يجرى فيهم ذلك أو يهمل أمرهم فلا يجرى من قبله صلى الله عليه وآله وسلم حكم آخر.
قوله تعالى: " وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله ثم يتولون من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين " تعجيب من فعالهم أنهم أمة ذات كتاب وشريعة وهم منكرون لنبوتك وكتابك وشريعتك ثم يبتلون بواقعة في كتابهم حكم الله فيها، ثم يتولون بعد ما عندهم التوراة فيها حكم الله والحال أن أولئك المبتعدين من الكتاب وحكمه ليسوا
(٣٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 336 337 338 339 340 341 342 343 344 345 346 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة النساء 5
2 (77 - 80) كلام في استناد الحسنات والسيئات إليه تعالى. (بحث قرآني) 9
3 (85 - 91) في معنى التحية. (بحث قرآني) 31
4 (95 - 100) في المستضعف. (بحث قرآني) 51
5 (105 - 126) في معنى العصمة. (بحث قرآني) 78
6 سورة المائدة 156
7 (1 - 3) في معنى العقد. (بحث قرآني) 158
8 بحث علمي في فصول ثلاثة: (1 - 3) 1 - العقائد في اكل اللحم. (بحث علمي) 183
9 (1 - 3) 2 - كيف امر بقتل الحيوان والرحمة تأباه؟ (بحث علمي) 184
10 (1 - 3) 3 - لماذا بني الاسلام على التذكية؟ (بحث علمي) 187
11 (15 - 19) كلام في طريق التفكر الذي يهدي إليه القرآن (بحث مختلط قرآني وروائي) 254
12 (15 - 19) في تاريخ التفكر الاسلامي اجمالا. (بحث تاريخي) 271
13 (27 - 32) كلام في معنى الاحساس والتفكير. (بحث قرآني) 308
14 (27 - 32) في تطبيق قصة ابني آدم على ما في التوراة. (بحث علمي) 323
15 (41 - 50) كلام في معنى الشريعة والفرق بينها وبين الدين والملة في عرف القرآن. (بحث قرآني) 350
16 (51 - 54) كلام في معنى مرض القلب. (بحث قرآني) 377
17 (51 - 54) كلام في كليات حوادث آخر الزمان. (بحث قرآني وروائي) 390