تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٥ - الصفحة ٢٦٣
إلى ذلك الحس، تصورية كانت أو تصديقية، نظرية كانت أو بديهية، ولو كانت العلوم موجودة للهوية الانسانية بالفعل لم يؤثر الفقد المفروض في ذلك، والقول بأن العمى والصمم ونحوهما مانعه عن التذكر رجوع عن أصل القول وهو أن التذكر بمعنى الرجوع إلى النفس بالانصراف عن التعلقات المادية مفيد لذكر المطلوب بارتفاع الغفلة.
وثانيا: أن التذكر إنما يوفق له بعض أفراد هذا النوع، وعامة الافراد يستعملون في مقاصدهم الحيوية سنة التأليف والاستنتاج ويستنتجون من ذلك الألوف بعد الألوف من النتائج المستقيمة، وعلى ذلك يجرى الحال في جميع العلوم والصناعات، وإنكار شئ من ذلك مكابرة، وحمل ذلك على الاتفاق مجازفة فالأخذ بهذه السنة أمر فطرى للانسان لا محيد عنه، ومن المحال أن يجهز نوع من الأنواع بجهاز فطرى تكويني ثم يخبط في عمله ولا ينجح في مسعاه.
وثالثا: أن جميع ما ينال هؤلاء بما يسمونه تذكرا يعود بالتحليل إلى مقدمات مترتبة ترتيبا منطقيا بحيث يختل أمر النتيجة فيها باختلال شئ من الأصول المقررة في هيئتها ومادتها، فهم يستعملون الأصول المنطقية من حيث لا يحسون به، والاتفاق والصحابة الدائمان لا محصل لهما، وعليهم أن يأتوا بصورة علمية تذكرية صحيحة لا تجرى فيها أصول المنطق.
وأما القول بالتذكر بمعنى إغنائه عن الرجوع إلى الأصول المنطقية - ويرجع محصله إلى إن هناك طريقين: طريق المنطق وطريق التذكر باتباع الشرع مثلا، والطريقان سواء في الإصابة أو أن طريق التذكر أفضل وأولى لإصابته دائما لموافقته قول المعصوم بخلاف طريق المنطق والعقل - ففيه خطر الوقوع في الغلط دائما أو غالبا.
وكيف كان يرد عليه الاشكال الثاني الوارد على ما تقدمه فان الإحاطة بجميع مقاصد الكتاب والسنة ورموزها وأسرارها على سعة نطاقها العجيبة غير متأت إلا للآحاد من الناس المتوغلين في التدبر في المعارف الدينية على ما فيها من الارتباط العجيب، والتداخل البالغ بين أصولها وفروعها وما يتعلق منها بالاعتقاد وما يتعلق منها بالاعمال الفردية والاجتماعية، ومن المحال أن يكلف الانسان تكوينا بالتجهيز التكويني بما وراء طاقته واستطاعته أو يكلف بذلك تشريعا فليس على الناس إلا أن يعقلوا مقاصد الدين بما هو الطريق المألوف عندهم في شؤون حياتهم الفردية والاجتماعية، وهو ترتيب المعلومات لاستنتاج
(٢٦٣)
مفاتيح البحث: الغفلة (1)، الوسعة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة النساء 5
2 (77 - 80) كلام في استناد الحسنات والسيئات إليه تعالى. (بحث قرآني) 9
3 (85 - 91) في معنى التحية. (بحث قرآني) 31
4 (95 - 100) في المستضعف. (بحث قرآني) 51
5 (105 - 126) في معنى العصمة. (بحث قرآني) 78
6 سورة المائدة 156
7 (1 - 3) في معنى العقد. (بحث قرآني) 158
8 بحث علمي في فصول ثلاثة: (1 - 3) 1 - العقائد في اكل اللحم. (بحث علمي) 183
9 (1 - 3) 2 - كيف امر بقتل الحيوان والرحمة تأباه؟ (بحث علمي) 184
10 (1 - 3) 3 - لماذا بني الاسلام على التذكية؟ (بحث علمي) 187
11 (15 - 19) كلام في طريق التفكر الذي يهدي إليه القرآن (بحث مختلط قرآني وروائي) 254
12 (15 - 19) في تاريخ التفكر الاسلامي اجمالا. (بحث تاريخي) 271
13 (27 - 32) كلام في معنى الاحساس والتفكير. (بحث قرآني) 308
14 (27 - 32) في تطبيق قصة ابني آدم على ما في التوراة. (بحث علمي) 323
15 (41 - 50) كلام في معنى الشريعة والفرق بينها وبين الدين والملة في عرف القرآن. (بحث قرآني) 350
16 (51 - 54) كلام في معنى مرض القلب. (بحث قرآني) 377
17 (51 - 54) كلام في كليات حوادث آخر الزمان. (بحث قرآني وروائي) 390