تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٥ - الصفحة ٢٦٤
المجهولات، والمعلوم من الشرع بعض أفراد المعلومات لقيام البرهان على صدقه.
ومن العجيب أن بعض القائلين بالتذكر جعل هذا بعينه وجها للتذكر على المنطق فذكر أن العلم بالحقائق الواقعية إن صح حصوله باستعمال المنطق والفلسفة - ولن يصح - فإنما يتأتى ذلك لمثل أرسطو وابن سينا من أوحديي الفلسفة، وليس يتأتى لعامة الناس فكيف يمكن أن يأمر الشارع باستعمال المنطق والأصول الفلسفية طريقا إلى نيل الواقعيات؟
ولم يتفطن أن الاشكال بعينه مقلوب عليه فإن أجاب بأن استعمال التذكر ميسور لكل أحد على حسب اتباعه أجيب بأن استعمال المنطق قليلا أو كثيرا ميسور لكل أحد على حسب استعداده لنيل الحقائق ولا يجب لكل أحد أن ينال الغاية، ويركب ما فوق الطاقة.
ويرد عليه ثانيا: الاشكال الثالث السابق فإن هؤلاء يستعملون طريق المنطق في جميع المقاصد التي يبدونها باسم التذكر كما تقدم حتى في البيان الذي أوردوه لابطال طريق المنطق وتحقيق طريق التذكر، وكفى به فسادا.
ويرد عليه ثالثا: أن الوقوع في الخطأ واقع بل غالب في طريق التذكر الذي ذكروه فإن التذكر كما زعموه هو الطريق الذي كان يسلكه السلف الصالح دون طريق المنطق، وقد نقل الاختلاف والخطأ فيما بينهم بما ليس باليسير كعدة من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ممن اتفق المسلمون على علمه واتباعه الكتاب والسنة، أو اتفق الجمهور على فقهه وعدالته، وكعدة من أصحاب الأئمة على هذه النعوت كأبى حمزة وزرارة وأبان وأبى خالد الهشامين ومؤمن الطاق والصفوانين وغيرهم، فالاختلافات الأساسية بينهم مشهورة معروفة ومن البين أن المختلفين لا ينال الحق إلا أحدهما وكذلك الفقهاء والمحدثون من القدماء كالكليني والصدوق وشيخ الطائفة والمفيد والمرتضى وغيرهم رضوان الله عليهم، فما هو مزية التذكر على التفكر المنطقي؟ فكان من الواجب حينئذ التماس مميز آخر غير التذكر يميز بين الحق والباطل، وليس إلا التفكر المنطقي فهو المرجع والموئل.
ويرد عليه رابعا: أن محصل الاستدلال أن الانسان إذا تمسك بذيل أهل العصمة والطهارة لم يقع في خطأ، ولازمه ما تقدم أن الرأي المأخوذ من المعصوم فيما سمعه منه سمعا يقينيا وعلم بمراده علما يقينيا لا يقع فيه خطأ، وهذا مما لا كلام فيه لاحد.
وفى الحقيقة المسموع من المعصوم أو المأخوذ منه مادة ليس هو عين التذكر ولا الفكر
(٢٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة النساء 5
2 (77 - 80) كلام في استناد الحسنات والسيئات إليه تعالى. (بحث قرآني) 9
3 (85 - 91) في معنى التحية. (بحث قرآني) 31
4 (95 - 100) في المستضعف. (بحث قرآني) 51
5 (105 - 126) في معنى العصمة. (بحث قرآني) 78
6 سورة المائدة 156
7 (1 - 3) في معنى العقد. (بحث قرآني) 158
8 بحث علمي في فصول ثلاثة: (1 - 3) 1 - العقائد في اكل اللحم. (بحث علمي) 183
9 (1 - 3) 2 - كيف امر بقتل الحيوان والرحمة تأباه؟ (بحث علمي) 184
10 (1 - 3) 3 - لماذا بني الاسلام على التذكية؟ (بحث علمي) 187
11 (15 - 19) كلام في طريق التفكر الذي يهدي إليه القرآن (بحث مختلط قرآني وروائي) 254
12 (15 - 19) في تاريخ التفكر الاسلامي اجمالا. (بحث تاريخي) 271
13 (27 - 32) كلام في معنى الاحساس والتفكير. (بحث قرآني) 308
14 (27 - 32) في تطبيق قصة ابني آدم على ما في التوراة. (بحث علمي) 323
15 (41 - 50) كلام في معنى الشريعة والفرق بينها وبين الدين والملة في عرف القرآن. (بحث قرآني) 350
16 (51 - 54) كلام في معنى مرض القلب. (بحث قرآني) 377
17 (51 - 54) كلام في كليات حوادث آخر الزمان. (بحث قرآني وروائي) 390