7 - وقول بعضهم: " إن طريق الاحتياط في الدين المندوب إليه في الكتاب والسنة الاقتصار على ظواهر الكتاب والسنة والاجتناب عن تعاطى الأصول المنطقية والعقلية فان فيه التعرض للهلاك الدائم والشقوة التي لا سعادة بعدها أبدا ".
وفيه أن هذا البيان بعينه قد تعوطي فيه الأصول المنطقية والعقلية فإنه مشتمل على قياس استثنائي أخذ فيه مقدمات عقلية متبينة عند العقل ولو لم يكن كتاب ولا سنة.
على أن البيان إنما يتم فيمن لا يفي استعداده بفهم الأمور الدقيقة العقلية وأما المستعد الذي يطيق ذلك فلا دليل من كتاب ولا سنة ولا عقل على حرمانه من نيل حقائق المعارف التي لا كرامة للانسان ولا شرافة إلا بها، وقد دل على ذلك الكتاب والسنة والعقل جميعا.
8 - وقول بعضهم - فيما ذكره -: " إن طريق السلف الصالح كان مباينا لطريق الفلسفة والعرفان وكانوا يستغنون بالكتاب والسنة عن استعمال الأصول المنطقية والعقلية كالفلاسفة، وعن استعمال طرق الرياضة كالعرفاء.
ثم لما نقلت فلسفة يونان في عصر الخلفاء إلى العربية رام المتكلمون من المسلمين وقد كانوا من تبعة القرآن إلى تطبيق المطالب الفلسفية على المعارف القرآنية فتفرقوا بذلك إلى فرقتي الأشاعرة والمعتزلة، ثم نبغ آخرون في زمان الخلفاء تسموا بالصوفية والعرفاء كانوا يدعون كشف الاسرار والعلم بحقائق القرآن وكانوا يزعمون أنهم في غنى عن الرجوع إلى أهل العصمة والطهارة، وبذلك امتازت الفقهاء والشيعة - وهم المتمسكون بذيلهم عليهم السلام - عنهم، ولم يزل الامر على ذلك إلى ما يقرب من أواسط القرن الثالث عشر من الهجرة (قبل مائة سنة تقريبا) وعند ذلك أخذ هؤلاء (يعنى الفلاسفة والعرفاء) في التدليس والتلبيس وتأويل مقاصد القرآن والحديث إلى ما يوافق المطالب الفلسفية والعرفانية حتى اشتبه الامر على الأكثرين ".
واستنتج من ذلك أن هذه الأصول مخالفة للطريقة الحقة التي يهدى إليها الكتاب والسنة.
ثم أورد بعض الاشكالات على المنطق - مما أوردناه - كوجود الاختلاف بين المنطقيين أنفسهم، ووقوع الخطأ مع استعماله، وعدم وجود البديهيات واليقينيات بمقدار كاف في المسائل الحقيقية، ثم ذكر مسائل كثيرة من الفلسفة وعدها جميعا مناقضة لصريح ما يستفاد من الكتاب والسنة.