الحديث، وغيره.
وحصلت بذلك فرصة لان تدور بينهم أحاديث موضوعة في صفات الله وأسمائه وأفعاله، وزلات منسوبة إلى الأنبياء الكرام، ومساوئ مشوهة تنسب إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم و خرافات في الخلق والايجاد، وقصص الأمم الماضية، وتحريف القرآن وغير ذلك مما لا تقصر عما تتضمنه التوراة والإنجيل من هذا القبيل.
واقتسم القرآن والحديث عند ذلك التقدم والعمل: فالتقدم الصوري للقرآن والاخذ والعمل بالحديث! فلم يلبث القرآن دون أن هجر عملا، ولم تزل تجرى هذه السيرة وهى الصفح عن عرض الحديث على القرآن مستمرة بين الأمة عملا حتى اليوم وإن كانت تنكرها قولا " و قال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا " اللهم إلا آحاد بعد آحاد.
وهذا التساهل بعينه هو أحد الأسباب في بقاء كثير من الخرافات القومية القديمة بين الأمم الاسلامية بعد دخولهم في الاسلام، والداء يجر الداء.
3 - ان ما جرى في أمر الخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أوجب اختلاف آراء عامة المسلمين في أهل بيته فمن عاكف عليهم هائم بهم، ومن معرض عنهم لا يعبأ بأمرهم ومكانتهم من علم القرآن أو مبغض شانئ، لهم وقد وصاهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم بما لا يرتاب في صحته ودلالته مسلم أن يتعلموا منهم ولا يعلموهم وهم أعلم منهم بكتاب الله، وذكر لهم أنهم لن يغلطوا في تفسيره ولن يخطؤوا في فهمه، قال في حديث الثقلين المتواتر: إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله و عترتي ولن يفترقا حتى يردا على الحوض، الحديث. وفي بعض طرقه: لا تعلموهم فإنهم أعلم. منكم وقال في المستفيض من كلامه: " من فسر القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار " وقد تقدم في أبحاث المحكم والمتشابه في الجزء الثالث من الكتاب.
وهذا أعظم ثلمة انثلم بها علم القرآن وطريق التفكر الذي يندب إليه. ومن الشاهد على هذا الاعراض قلة الأحاديث المنقولة عنهم عليهم السلام فإنك إذا تأملت ما عليه علم الحديث في عهد الخلفاء من المكانة والكرامة، وما كان عليه الناس من الولع والحرص الشديد على أخذه ثم أحصيت ما نقل في ذلك عن علي والحسن والحسين، وخاصة ما نقل من ذلك في تفسير القرآن لرأيت عجبا: أما الصحابة فلم ينقلوا عن علي عليه السلام شيئا يذكر، وأما التابعون فلا يبلغ ما نقلوا عنه - إن احصى - مائة رواية في تمام القرآن،